سفيرالسلام نائب مدير
رقم العضوية : 2 المزاج : المهنة : الجنس : عدد المساهمات : 979 نقاط : 14526 تاريخ التسجيل : 18/05/2009 العمر : 41 كيف تعرفت إلينا : آخر إحترام القوانين :
| موضوع: العولمة المالية الأحد 9 مايو 2010 - 15:05 | |
| العولمة المالية مقدمة:إن أهم ما يميز العلاقات الاقتصادية الدولية حالياً هو سيادة نمطين متناقضين – ظاهرياً – في مسار هذه العلاقات. يتجلى النمط الأول من خلال النزوع العالمي نحو تكوين تكتلات اقتصادية إقليمية عملاقة بين مجموعات الدول المتجانسة – على الأغلب – اقتصاديا واجتماعياً وسياسياً ، تتكون في إطار هذا النمط ترتيبات إقليمية جديدة تشكل نظما إقليمية أكثر فاعلية في النظام الاقتصادي العالي المعاصر.أما النمط الثاني فيتجلى من خلال السعي لإقامة علاقات اقتصادية حرة على المستوى العالمي وإزالة الحدود الفاصلة بين الاقتصاديات الوطنية.يتبدى هذا التناقض الظاهري من خلال سعي النمط الأول إلى إقامة أشكال مختلفة من القيود الحمائية حول الاقتصاديات الإقليمية "المتكتلة" في يسعى الأخر إلى تحرير الاقتصاديات الدولية من كل القيود التي تعيق انسياب وتحرك السلع والخدمات ورؤوس الأموال على المستوى العالمي، وهو تناقض ظاهري لأن القوى الداعية إلى الاتجاه الثاني (عولمة الاقتصاديات الدولية) تسيطر من خلال أدواتها – على مسار التكتلات وتطورها ولا تسمح بها إلا بالقدر الذي تساهم به في زيادة التبادل التجاري على المستوى العالمي، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كلاهما يشكلان تكتلاً، الأول على المستوى الإقليمي أما الثاني فيشمل العالم كله.وفي سياق هذا التناقض والصراع بين هذين النمطين ومحاولة كل منهما وسم النظام الاقتصادي العالمي بطابعه ومستقبل كل منهما سيكون موضوع بحثنا "عولمة التكتلات" وسنقسم هذا البحث إلى قسمين نتناول في القسم الأول ظاهرة العولمة باعتبارها تشكل نسق العلاقات الدولية في شكله العالمي والمحتوى التاريخي لنشأتها ، ثم عرضاً لأدواتها ودور كل منهما في عولمة النشاط الاقتصادي ثم ننتقل لتوصيف الصراع القائم بين العولمة والدولة القومية ولتناقضات العولمة والتحديات التي تواجهها ومستقبل هذه الظاهرة، ونستعرض في القسم الثاني مفهوم التكتلات وشروط نشأتها ومراحلها وشروط نجاحها ثم ننتقل لإجراء مقاربة بين كل من مفهوم العولمة والتكتلات لبيان أوجه التشابه والاختلاف بينهما، وتبيان الآلية التي يتم من خلالها المواءمة بين الظاهرتين (العولمة والتكتلات) ودور التكتلات في العلاقات الاقتصادية الدولية وأهم التكتلات على المستوى العالمي وننتهي بعدها بعرض وجهة نظرنا حول مستقبل العرب وما عليهم أن يفعلوه في إطار هذا النسق من العلاقات الدولية وحول مستقبل كل من العولمة والتكتلات والشكل الذي ستكون عليه العلاقات الاقتصادية بين الدول في المستقبل. القسم الأول : العولمة مفهوم العولمة ونشأتهااختلف الباحثون و المفكرون في تعريفهم للعولمة كظاهرة لم تتحد و معالمها بعد تبعا لتوجهاتهم الأيديولوجية والفكرية وقدموا تعريفات متباينة إلا أنهم اتفقوا جميعاً بهذا القدر أو ذاك على المستوى الاقتصادي لهذه الظاهرة وعلى الوصف الظاهري لها والآثار المترتبة عنها. وإننا نوافق الدكتور صادق جلال العظم بأن العولمة وبكثير من التركيز هي ظاهرة مركبة - ذات محتوى شامل - ناتجة عن آليات النشاط اللامتناهي لرأس المال فوق القومي يتمخض عنها وقائع وأحداث وظواهر تشكل في مجموعها أساس لطور تاريخي جديد من أطوار النظام الرأسمالي وهي بحكم آلياتها الاقتصادية التي تتمثل في الاعتماد المتبادل بين اقتصاديات مختلف الدول ومذهبها الاقتصادي هو حرية السوق وتحرير التجارة والخصخصة وتدعيم حرية انتقال رؤوس الأموال وتشجيع الاستثمار، تنشر مجموعة من القيم السياسية والثقافية والاجتماعية يجري تعميمها على مستوى العالم لأن التطور الهائل في الإنتاج وضرورة تصريف هذا الإنتاج يقتضي نشر قيم وأنماط استهلاكية مناسبة أي تعميم أنماط استهلاك وإنتاج وتبادل وتوزيع من خلال تقديم أنماط ثقافية واجتماعية وسياسية لقيم وأخلاقيات تشمل العالم كله وبالشكل الذي يحقق وحدة السوق العالمية.إن تعميم هذه الأنماط يتم من خلال وسائل تتجلى بشكل أساسي في ثورة الاتصالات والمعلوماتية، وبهذا المعنى تكون ظاهرة العولمة سبباً لهذه الثورة وليست نتيجة لها، وهذا يعكس ويؤكد المحتوى الاقتصادي لها وعلى الأخص باعتبارها سمة من سمات النظام الرأسمالي العالمي تتغير أوصافها وآلياتها تبعاً للطور الذي يمر به هذا النظام، وتعكس أيضاً الطبيعة التوسعية لهذا النظام من جهة، والمحتوى التاريخي لها من جهة أخرى.ظهرت معالمها الحديثة – حسب نمطها السائد – منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال سعي المراكز الرئيسية للرأسمال العالمي لإعادة ترتيب النشاط الاقتصادي على المستوى العالمي ونظم الإنتاج العالمي والسوق العالمية ضمن إطار نظام موحد وشامل يحقق نوعاً من التوازن بين هذه المراكز فكانت اجتماعات "بريتون وودز" في محاولة لصياغة أسس يدار على أ ساسها الاقتصاد العالمي ويتحقق التوازن و الاستقرار في العلاقات الاقتصادية الدولية . إلا أن الظروف الدولية السائدة - في ذلك الحين – وخروج الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى فقد كان من الطبيعي أن تتولى صياغة هذه ا لأسس وفق مصالحها وحاجاتها الوطنية فعملت على إيجاد نوع من العلاقات الاقتصادية الدولية الحرة تتسم بدرجة عالية من استقرار أسعار الصرف و حركة واسعة للاستثمارات الأمريكية الخارجية وتجارة عالمية خالية من القيود، وكان من أثر ذالك أن تنامى الاقتصاد الأمريكي وعمل بأقصى طاقاته، فنشأت الشركات الكبرى التي ضاقت عليها الحدود الوطنية فتجاوزتها إلى الأسواق الأخرى وأدت بفعل الدعم المتبادل بين هذه الشركات والحكومة الأمريكية إلى تميز وتفرد الولايات المتحدة في قيادة النظام الاقتصادي العالمي المعاصر. وقد عملت هذه الشركات – منذ ذلك الحين – على إعادة تشكيل الهويات الاقتصادية و السياسية على أساس سيطرة قوى السوق و قواعده وقيمه وتمجيد النزعة الفردية و الديمقراطية على النمط الغربي، أو بمعنى آخر إضفاء الطابع العالمي ( الغربي وبشكل خاص الأمريكي )- على الثقافات والهويات والأسواق وأنماط التفكير والسلوك والذوق والاستهلاك على دول وشعوب الكرة الأرضية، يتضح ذلك من خلال سعي المراكز الرأسمالية العالمية – وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية باحتكاراتها و شركاتها العابرة للقارات لإزالة القيود والحواجز الحمائية الوطنية و الهجوم على دور الدولة القومية خارج هذه المراكز، والدعوة إلى إعادة الهيكلة و الخصخصة و بما يتيح سيطرة تلك الإحتكارات والمتعدية الجنسيات على اقتصاديات تلك الدول .إن هذا يقودنا إلى مفهوم آخر يميز نمط العولمة السائدة بمؤسساته و آلياته و أساليب عمله، هذا المفهوم هو ما يطلق عليه البعض تسمية "الأمركة " يعكس هذا المفهوم محاولة الولايات المتحدة الأمريكية، فرض أنماط اقتصادية وثقافية واجتماعية وسياسية على | |
|