إن هذه المعطيات توحي بحجم التجارة الإلكترونية في العالم العربي وتطورها ، حيث أن الدراسات تذكر أن حجم التجارة الإلكترونية في المنطقة العربية تقدر بـ 100 مليون دولار أمريكي ، حيث توقعت أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى 1 مليار دولار أمريكي سنة 2002 [1] .
وفي دراسة قامت بها مجموعة ( دي آي تي ) طرحت فيها إستبيانات لمجموعة من مستخدمي الأنترنيت ومزودي خدمات الشبكة ، وأصحاب المتاجر الإلكترونية المتواجدة ، وشركات تطوير البرمجيات ، وشركات إحلال التجارة الإلكترونية في المنطقة ، كانت النتائج بالنسبة للوطن العربي تدعوا للوقوف أمام معوقات التجارة الإلكترونية ، فعلى سبيل المثال أفادت الدراسة بأن نسبة من قاموا بعمليات شراء على الشبكة من بين مستخدمي الأنترنيت العرب لم تتجاوز نسبتهم 4% ، بينما امتنع 96% من مستخدمين عرب عن ممارسة الشراء عبر الأنترنيت حيث كانت أعلى نسبة في ذلك لصالح مشتريات برامج الكمبيوتر 23% ، الكتب 22% ، الهدايا 7% ، العطور والإلكترونيات 10% ، حجز تذاكر السفر7 % ، وتراوحت قيمة مشتريات الأفراد بين أقل من 50 دولار كحد أدنى و400 دولار كحد أقصى، أما معدل مجموع مشتريات الفرد الواحد على مدار العام فقد بلغت 644 دولار ، وقدر مجموع حجم الإنفاق من خلال التجارة الإلكترونية في الوطن العربي نحو 11.5 مليون دولار[2].
كل هذه المعطيات توضح بأن حجم التجارة الإلكترونية في العالم العربي تعتبر من أضعف النسب مقارنة مع حجمها لدى دول العالم وهذا لأسباب تتعلق أكثر بتخلف دخول الأنترنيت إلى العالم العربي وضعف الوتيرة التي تم بها الدخول إلى غاية يومنا هذا ، حيث يغلب على المستخدمين إقتصارهم على المراسلات ، والإهتمام بالإصدارات المتعلقة بالموسيقى وما يرتبط بها ، بالإضافة إلى الإستخدامات الأكادمية .
لكن تظل التجارة الإلكترونية بعيدة عن اهتمامات العرب ، وأكبر دليل على ذلك هو عدم التفكير حتى في سن قوانين تنظم تجارة تكاد تكون غريبة عن هذا العالم – الوطن العربي – الذي لا يزال إلى يومنا هذا يتشدق بطرق تقليدية – متخلفة – في تجارته .
1- أشكال التجارة التجارة الإلكترونية[3] :
سنحاول أن نختصر الحديث عن اشكال التجارة الإلكترونية في العناصر التالية :
1-1- بين مؤسسة ومؤسسة أخرى Business to Business :
أو ما يرمز إليه بـ B to B حيث تمرر مؤسسة من خلال شبكة الأنترنيت طلبات شراء أو عروض بيع لمؤسسات أخرى وما يتبعها من عناصر متعلقة بالمعاملة التجارية من فواتير ودفع وغيرها .
1-2- بين المؤسسة والمستهلك consumer Business to :
أو ما يرمز له بـ B to C ، وذلك من خلال العروض المختلفة التي تقدمها المؤسسات للمستهلكين على ما يسمى مراكز التسوق على الأنترنيت ، حيث تعرض كل أنواع السلع والخدمات ويتم أيضا هنا تنفيذ عمليات الشراء والبيع بأسس وتقنيات حديثة كالدفع عن طريق بطاقات الإئتمان أو الشيكات الإلكترونية ....إلخ .
4-3- بين المؤسسة والإدارةAdministration Business to:
أو ما يرمز له بـ B to A ، حيث يمكن للمؤسسة أن تجري معاملاتها – أو إلتزاماتها – أمام مختلف الإدارات الخاضعة لها ، كإدارة الضرائب والجمارك ، والتأمين وغيرها ، كأن تقوم بعمليات الدفع لمختلف المستحقات ، وأيضا تقديم التصريحات اللازمة مما يوفر الجهد والوقت .
1-3- بين المستهلكين والإدارة Administration to Consumer :
أو ما يرمز له بـ A to C ، وذلك من خلال ممارسات يلتزم بها المستهلك تجاه إدارته، كدفع الضرائب والرسوم ، وتقديم التصريحات إلى مختلف الهيئات الإدارية المعنية .
2- آفاق استخدام التجارة الإلكترونية في العالم العربي :
بدأ العالم العربي يحس بأهمية التغيرات التي أفرزتها المعطيات السياسية العالمية وكيف أثرت على المتغيرات الاقتصادية ، من هنا برز شيء من الإهتمام بالتجارة الإلكترونية ، لكن ذلك يفتقد إلى الجدية والتدقيق في الموضوع ، فالتجارة الإلكترونية لدى الدول الغربية تم التقنين لها بنصوص تهتم بالجانب المصرفي والقانوني ( كالعقود الإلكترونية ) ، الإمضاءات الإلكترونية ، حماية المستهلك ، وغيرها من المجالات التي يجب التفكير فيها ولم لا الإستفادة من تجارب غيرنا في هذا المجال .
إن التجارة الإلكترونية في العالم العربي مرهونة بمدى استجابة الحكومات إلى ضرورة تحرير التجارة الخارجية ، والإحساس بأهمية الإندماج في اقتصاد عالمي يتطور بسرعة رهيبة في حين نبقى كعرب متخلفين عن الركب .
واعتماد تكنلوجيات إتصالية متطورة سيعزز من اهتمام الوطن العربي بالتجارة اإلكترونية ، لا لكي نكون مستهلكين لكل ما هو غربي – أو أجنبي بشكل عام – وإنما حتى لا نبقى منغلقين على أنفسنا في حدود اقتصادية وسياسية لم يعد العالم يهتم بها اليوم في ظل العولمة واضمحلال مفهوم السيادة .
والحديث عن وصول التجارة الإلكترونية إلى 1 مليار دولار سنة 2002 لا يعتبر أمرا مشجعا بل هو مخيب للآمال ، هذا إذا قارناها مع تطورها من حيث مبالغها مع العالم المتقدم .
لذا فمن الضروري أن يفكر العالم العربي في شتى ميكانيزمات تطوير وتحسين ظروف استخدام التجارة الإلكترونية فيما بين العرب أولا وبينهم وبين العالم الآخر من جهة ثانية .
5- مدى تطور التجارة الإلكترونية في الجزائر :
الحديث عن التجارة الإلكترونية في الجزائر يقضي إلى البحث في هذا الموضوع لدى الجهة المختصة بتنظيم التجارة في البلاد على أعلى المستويات .
و نقصد بالضبط وزارة التجارة، حيث اتصلنا بالوزارة طالبين معطيات حول التجارة الإلكترونية في البلاد، و كان الرد أنه لا توجد أية معطيات حول هذا الموضوع على مستوى الوزارة، هذا الوضع يعكس حقيقة التجارة الإلكترونية في الجزائر، ذلك أن الوزارة المختصة لم تفكر حتى في تقديم إحصاءات و لو بسيطة عن المؤسسات الخاصة و العامة التي لديها مواقع إشهارية فقط على الأنترنيت، أو العمليات التي أبرمتها، بل أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فقد سألنا عن دراسات مستقبلية لإمكانيات اعتماد هذه التجارة في بلادنا و كان الرد سلبيا ، فلا يوجد حت التفكير في البحث و النقص عن وضعية التجارة الإلكترونية في الجزائر فمابالكم سبيل تطويرها و اعتمادها، إن استخدام الأمنترنيت في الجزائر يكاد يتوقف عند المراسلات الشخصية، و بعض الاهتمام لدى الأكادميين الذين يبحثون عن المادة العلمية لإثراء بحوثهم، أما التجارة على الأنترنيت ، فتقف مجموعة من العوائق حائلا أمام إمكانيات تطورها و اعتمادها في بلادنا .
[1] رشيد حسن، " العرب في سباق الأنرنيت " ، مجلة الاقتصاد و الأعمال ، فبرايل 2000، ص 33.
[2] عمار عقيلي، " التجارة الإلكترونية عربيا : معوقات تشريعية و تقنية "، مجلة الإقتصاد و الأعمال ، مارس 2000، ص 100.
[3] Pour Plus de données voir : Camille Elisabeth, le commerce électronique : B to B , Paris : DUNOD, 1999, P1.