الدولار التي قام عليها النظام النقدي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية مما اضطرت بعض الدول إلى تعويم عملتها.
وبعد هذه القرارات الصارمة والجريئة من طرف أمريكا شهدت أسواق الصرف اضطرابات كبيرة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين مختلف الدول كما عرفت هذه الفترة العديد من الاجتماعات للمجموعة العشرة (G10) (باريس، لندن، واشنطن) إلى أن عقد اجتماع في جزر الأزور ( 13/14-12-1971) بين رئيس فرنسا جورج بومبيدو ورئيس أمريكا ريتشار نيكسون وتم فيه الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار وذلك برفع قيمة الذهب مع زيادة قسمة بعض العملات الأوروبية مع التزام الدول الأوروبية على عدم ممارسة أي ضغط لتحويل الدولار إلى الذهب.
المبحث الخامس: اتفاق سميتونيان:
لقد كان اجتماع جزر الأزور بمثابة تمهيد ومقدمة لإجراء اجتماع خاص بوزراء المالية مجموعة الدول العشر محافظي البنوك المركزية في مبنى سميثونيان في واشنطن 17-18 ديسمبر 1971 وقد توصل إلى اتفاق سمي فبما بعد باسم اتفاق سميثونيان حيث تضمن مجموعة من القرارات أهمها: إلى موافقة أمريكا على خفض قيمة الدولار بنسبة 7.9% وأول تخفيض للدولار منذ عام 1934 (35 أوقية دولار – 38 أوقية دولار) وفي الجهة المقابلة قامت كل من اليابان ودول أوروبا برفع قيمة عملتها مقارنة بمعدلاتها في 1971 الين رفع بنسبة 16.9%، الجنيه والفرنك ب 8.57%، الليرة الايطالية ب 7.48%، الفرنك السويسري 13.9%، الفرنك البلجيكي والجيلدر الهولندي 11.6% عند قررت استمرار في تقويم عملتها الدولار الكندي.
كما وافقت الولايات المتحدة على إلغاء الضريبة المفروضة على السلع المستوردة مما تم التوصل إلى اتفاق مؤقت للسماح بتقلبات أسعار الصرف بنسبة 2.25% صعودا وهبوطا بالنسبة للأسعار التعادل الجديدة التي تم التوصل إليها بموجب الاتفاقية الجديدة وذلك من أجل إبطال تعويم العملات الخاصة ب (G10) .
المبحث السادس: إنهيار نظام بريتون وودز:
إن اتفاق سميثونيان لم يعالج الأزمة النقدية الدولية وهذا كونه كان يتسم بضعف المضمون فقد استمر الدولار غير قابل للتحول إلى ذهب بعد تخفيضه وظلت البنوك المركزية للدول غير قادرة على مبادلة الدولار بالذهب على أساس السعر الجديد. كما لوحظ ارتفاع سعر الذهب في الأسواق الحرة. كما أن الهدوء الذي ساد في أسواق الصرف لم يدم طويلا حتى بدأت حركات المضاربة في الاشتعال مرة أخرى. ففي عام 1972 وقعت ضغوط شديدة على الجنيه الإسترليني الأمر الذي أدى بالحكومة للعودة إلى تعويم الجنيه مرة أخرى في حين قامت كل من هولندا وسويسرا واليابان إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى وقف تدفق الدولارات إلى أسواقها. كما أن نتائج الميزان التجاري لسنة 1972 جاءت مخيبة للأمل فقد استمر العجز في الميزان التجاري حتى وصل إلى 6.8 مليار دولار مقابل 2.7 مليار دولار للعام الماضي. وفي يناير 1973 حدث تدفق شديد من الدولارات على سويسرا مما دفعها إلى التوقف عن تدعيم الدولار وأعلنت في 23-01-1973 تعويم الفرنك السويسري. وفي 12 فبراير 1973 أعلنت عن إقفال الأسواق النقدية في مختلف الدول الأوروبية كما أعلنت اليابان تعويم الين كما أعلنت الولايات المتحدة تخفيض ثاني في قيمة الدولار بنسبة 10% وكان هذا لإجراء طبيعي تنص عليه الاتفاقيات الأخيرة. وبهذا التخفيض فقد الدولار تماما مكانته كنقطة ارتكاز في النظام النقدي. كما أن تخلي الدول الأوروبية واليابان عن التزاماتها بالتدخل لدعم الدولار وترك عملتها لتعويم بمثابة إعلان عن وفاة نظام بريتون وودز وأسعار الصرف الثابتة.
المبحث السابع: أسباب فشل نظام بريتون وودز:
لقد فشل نظام بريتون وودز بسبب ما احتواه من تناقضات ولما ورد على سيره وتنفيذ من قيود وحواجز:
- لم يسمح في ظل هذا النظام للدول بالقيام بإجراءات تصحيحية لعجز في ميزانيتها كما كان الحال في نظام الذهب.
- كما نجد أن هذا النظام عانى من مشكل رئيسي هو ارتكازه على عملة واحدة وهي الدولار هذا يعني أن استقرار النظام ككل متوقف على استقرار الدولار فحدوث أي هزة فيه تنعكس على النظام ككل.
- كما أن النظام النقدي الجديد لم يأخذ في الحسبان تزايد أهمية العملات الأخرى الين الياباني والعملات الأوروبية.
- كما أن تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات الأمريكي يعني تثبيت حجم السيولة الدولية أما إذا تحقق العجز في ميزان مدفوعاتها فهذا يؤدي إلى توفير سيولة دولية كافية ولكن يؤدي إلى إهدار الثقة في العملة الوسيطة وتحويلها إلى ذهب.
إن نظام بريتون وودز كان صالحا في ظل ظروف معينة (الفترة التي عقبت الحرب فقط) والسبب الرئيسي في تقويض دعائم هذا النظام فيرجع إلى التضخم السريع الذي أثر في حركات التبادل التجاري الدولي.
الفصل الثالث: التطورات النقدية العالمية بعد انهيار بريتون وودز:
لقد أجبرت التغيرات الحاصلة على المستوى العالمي من سقوط نظام بريتون وودز إلى تعويم العملات، صندوق النقد الدولي على التكيف مع مجرياتها بوصفه الهيئة المسؤولة على العلاقات الاقتصادية الدولية ولحدوث هذا التأقلم أو التكيف كان من الضروري تعديل ثاني في اتفاقية الصندوق والداخل حيز التنفيذ في أول أبريل 1978 باسم اتفاق جاميكا ولهذا سوف نتطرق في هذا الفصل إلى نظام تعويم العملات (حرية أسعار صرف العملات) وكذلك في المبحث الثاني سوف نعرض ما جاء في هذا التعديل.
المبحث الأول: نظام التعويم:
سياسة التعويم الحر العملة وهو على النقيض تماما مع سياسية تثبيت سعر الصرف ويعتبر التعويم الحر في حالة عدم تدخل السلطات النقدية في سوق الصرف من أجل مساندة عملتها الوطنية أو تتخذ قرارات اقتصادية متعلقة بسعر صرف عملتها وكذلك فان الدول غير مطالبة باحتفاظ باحتياطي كبير في العملات لتدخل في سوق الصرف.
كما أن نظام التعويم الحر يمكن من التوازن التلقائي لميزان المدفوعات الخاص بالدول وذلك عن تفاعل قوي العرض والطلب في السوق مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف أو انخفاضه. فالدولة التي تعاني من عجز في ميزان المدفوعات عند سعر معين للصرف عملتها. هذا معناه أن هناك كمية كبيرة من المعروض النقدي لهذه الدولة الأمر الذي أدى إلى انخفاض سعر صرف عملتها وبالتالي سوف تقلل من استيراداتهها وتشجيع صادراتها وهذا يساعد إلى العودة إلى وضع التوازن.
غير أن المعارضين لهذا النظام يذهبون بالقول أن هذا الميكانيزم الخاص بالسوق لا يضمن بشكل دائم تحديد سعر الصرف المناسب للعملة وهذا يؤدي إلى تضلل المتعاملين مع الخارج. وتجارب الدول في تطبيق سياسة التعويم لم تخلق من تدخل السلطات النقدية في أسواق الصرف وذلك بغيا لمنع التقلبات العنيفة لأسعار الصرف وهو ما أطلق عليه التعويم غير النظيف أو التعويم المدار وقد قامت الدول الأوروبية بقيادة ألمانيا بتكوين نظام نقدي إقليمي يقوم على أساس تثبيت أسعار صرف عملات الدول الأعضاء في هذا النظام مع تعويم عملتها مقابل عملات الدول الأخرى تعويما جماعيا والتي كانت خطوة لبداية إنشاء النظام النقدي الأوروبي وقد مارست الدول الصناعية لسياسة التعويم بشكل جماعي أو فردي وهي تمثل ثلاثة أرباع التجارة الدولية لذلك نفسر لماذا اعتبرت سياسة التعويم ظاهرة دولية أما الدول النامية فقد تحولت تدريجيا عن ربط عملتها بعملة رئيسية أو بسلة من العملات المتنوعة ولأخذ نظرة بسيطة على هذا النظام في الدول النامية سوف نعرض نظم أسعار الصرف الخاصة بدول المغرب العربي.
نظم أسعار الصرف لدول المغرب العربي
البلد
نظام الصرف
السلة
الجزائر
المغرب
تونس
تعويم المدار
تسيير مثبت
تعويم مدار
الدولار الأمريكي
سلة من العملات
سلة من العملاتSource : World economic oulook Octobre 1998 FMI
المغرب: بالنسبة للمغرب فإن المعاملات لسلة من العملات كما قامت بتخفيض قيمة الدرهم تدريجيا لكي تتأقلم مع التغيرات الخارجية.
تونس: كان سعر الصرف ينتمي إلى سلة من ثلاث عملات هي الفرنك الفرنسي والمارك والدولار. ثم توسعت هذه السلة عام 1981 لتشمل الليرة الايطالية، الفرنك البلجيكي، والفلورين الهولندي ، والبسيط الاسباني. كما قامت تونس بتخفيض قيمة عملتها ابتداءا من سنة 1986 إلى غاية 1989.
الجزائر: كان سعر الصرف فيها يحدد ويثبت ليلائم استراتيجيات التنمية سوف نعرض باختصار أهم المحاور التي مر بها سعر الصرف في الجزائر.
حيث تم إنشاء العملة الوطنية المتمثلة في الدينار وحدد وزن الذهب ل1 دج ب 180 مع 1964 بعدما كانت تنتمي إلى منطقة الفرنك كما حدد سعر التعادل مع الفرنك 1DA=1F