حين يتحدث الطّبُّ والمجتمع لايمكن أن يصمت الشَّرع
لابدَّ من تفعيل القوانين المعنيّة بالحدّ من هذا الإزعاج ووضع حدود للحريات المباحة لتربية الحيوانات
الاختلاط بالحيوانات يجب أن يكون تحت مظلّة صحية سليمة .. وضريبة الاستهتار قد تكون كبيرة
اتسعت مؤخراً ظاهرة اقتناء حيوان أليف في المنزل, اتسعت الظاهرة وسط
تزايد التحذيرات الطبية حول انعكاسات ذلك على وضع الأسرة الصحي .
في هذا المنزل هناك قطة أو مجموعة منها وجميعها لها مكانه كبيرة عند أفراد
الأسرة فتنام على الأسرّة بجانب أفرادها من الأطفال والكبار, وفي ذلك
البيت هناك كلب يتربع على عرش التقدير والاحترام قد تفوق الاحترام تجاه
الأقرباء والأصدقاء ولا ندري إن كانت تفوق احترام أهل العائلة لبعضهم
الآخر, وهناك الكثير من الطيور و… الخ .
وسط هذه التحذيرات يتساءل البعض عن مدى جديتها وصحتها, كما أننا نضم تساؤلنا إلى رأي كل من المجتمع والطب والشرع في هذه الظاهرة.
جولة صغير للأزمنة في الشارع التقت خلالها مجموعة من الناس تقاطعت
آراؤهم حول العديد من الأفكار ووجهات النظر التي تستحق الاهتمام والطرح.
أمجد .. موظف ورب أسرة : يعتقد أن تربية الحيوانات مريحة نفسياً،
فالإنسان عندما يقدم على تربية حيوان أليف ويعتني به يشعر بالراحة، نتيجة
التواصل مع كائن حي, ويقول: أنا شخصياً لدي قطة وثلاثة طيور في المنزل وهي
مصدر سعادة لأولادي وحتى اليوم لم نعان أية مشاكل صحية نتيجة اقتنائها.
ناريمان طالبة جامعية: قرأت أن تربية الإنسان للقطط ترفع نسبة المناعة
عنده لأنها ترفع من الحالة النفسية وتزيل حالات الاكتئاب، لأن الحالة
النفسية تتحكم بصورة كبيرة بمرض الإنسان، وبرأيي أيضاً أن انعكاس الحالة
البدنية انعكاس للصحة النفسية، فالصحيح نفسياً صحيح بدنياً والعكس صحيح،
فالحيوان كالطفل لا يعطي الإنسان شيئاً فهو بحاجة فقط إلى العطاء, وبالرغم
من أنه ليس لدينا أية حيوانات في المنزل إلا أنني أرغب في اقتناء أحدها.
مها .. معلمة مدرسة تقول: دراسة حديثة تبين أن تربية الكلاب في البيت
تزيد من احتمال الإصابة بسرطان الثدي وقد وجدت الدراسة أن 80 بالمئة من
النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي كنَّ يربين الكلاب في بيوتهن وعلى
احتكاك دائم معهم، بينما وجدوا أن الأشخاص الذين يربون القطط لم يصابوا
بهذا النوع من السرطان وذلك بسبب التشابه الكبير بين سرطان الثدي عند
الكلاب وعند البشر , وأنا شخصياً ضد تربية أية حيوانات في البيت رغم إلحاح
أطفالي على شراء بعض الطيور.
جمال ..عامل نظافة: لا أؤيد تربية الكلاب في المنازل, وهذا الأمر ممكن في
القرية لدواعي أمنية أو في مصانع أو أحراج أو مزارع بغية إعطاء إنذار مبكر
لأي لص, فالكلب ذكي ويعرف كيف يحرس المكان الذي يتواجد فيه لكن في المنزل
لا أرى ضرورة له إلاّ إذا كان المنزل منعزلاً عن المباني ويوجد حديقة خاصة
وبعيد عن المنزل بمسافة ويتم تلقيحه بصورة دورية .
وسيم .. صاحب سوبر ماركت يقول: من غير المعقول في مجتمع فقير ومتخلف
اقتصادياً واجتماعياً أن يصرف صاحب الحيوان مبالغ توازي راتب موظف حكومي،
في حين نجد جمعيات خيرية ومؤسسات تعنى بشؤون الفقراء تبحث عن من يتبرع لها
بـ100 ليرة، وأستغرب غياب ثقافة التكافل الاجتماعي، واتساع التكافل
الحيواني لو كان المجتمع غنياً لكان الأمر مقبولاً نوعاً ما، أما التقليد
للغرب فهو نقص حاد في فهم المدنية الغربية.
ربة منزل: تربية الكلاب والقطط في المنازل عموماً غير مستحبة وخصوصاً في
عالمنا الإسلامي والعربي، أما من ناحية طبية فهذه الحيوانات وحسب ما شاهدت
في أحد البرامج التلفزيونية فإنها تتميز بوفرة الغدد اللعابية والتي
تحتوي على الكثير من المسببات المرضية من جراثيم وفيروسات وأخطرها دراسة
حديثة بأن المواليد الذين يتواجدون مع القطط بعد ولادتهم بقليل، يكونون
أكثر عرضة للإصابة بمرض الأكزيما الجلدي، كما أنها عندما تخدش جسم الإنسان
تسبب التهاباً في مكان الجرح، وقد تؤدي أحياناً إلى تضخم الغدد الدرقية.
تعددت الأسباب بالطبع تتباين دوافع اقتناء حيوان في المنزل من شخص لآخر , لكن أصحاب
محلات بيع الحيوانات المنزلية يتقاطعون في آرائهم حول أن معظم من يربون
القطط يربونها كبريستيج لا أكثر ولا أقل بالطبع إذا تجاوزنا الأطفال حيث
يطالبون أهليهم بشرائها نتيجة مشاهداتهم للتلفزيون والأمر ينطبق على
الطيور، أما بالنسبة للكلاب فالرجال عادة يشترون الكلاب الكبيرة سواء
للحراسة أو للصيد في حين تقوم بعض النساء بشراء أنواع من الكلاب ذات
الحجم الصغير في حين تقوم نسوة أخريات بشراء بعضها للاستعمالات
الجنسية
كل شيء ممكن إذاً، هناك من يهتم بتربية القطط، والكلاب، والجديد الآن تربية الأفاعي
غير السامة، والهمستر، وهو حيوان يشبه فأر التجارب وهو غير مؤذٍ، لكن جميع
هذه الحيوانات وحسب الآراء الطبية ممكن أن تنقل الطفيليات، والديدان
الداخلية .
ولما كانت القطط من أهم الحيوانات الأليفة وأكثرها تربية في البيوت كونها
جميلة ونظيفة، وهي حيوانات ذكية بطبيعتها تعتمد على نفسها وهي مغرمة
باللعب والتسلية وتتميز بالألفة والإخلاص لبعض الناس. فقد آثرت البدء في
الحديث عن مضارها لاسيما وأنها تعيش معظم فترة تتراوح بين 13 و 15 سنة وقد
تصل أعمار بعض القطط إلى 18 أو 19 سنة، في وقت يؤكد البعض أنها غير صحية
ومن الخطر تربيتها في البيوت إذ تسبب العقم والإجهاض للمرأة, وهنا تشير
المصادر الطبية التي استشارتها الأزمنة إلى أن القطط تؤثر مباشرة على
المرأة الحامل وتهدد استمرارية حملها، فمن الممكن أن تواجه المرأة العديد
من الأخطار وأهمها الإجهاض المبكر وأمراض الحمية، وهو أن يخرج الطفل ولديه
مشكلات صحية إذا لم يصب بالوفاة مبكراً، فاحتمال وفاة الجنين داخل الرحم
واردة في هذه الحالة، وهذا كله ناتج عن طريق انتقال عدوى من القطة إلى
المرأة وهذا ما يسببه ميكروب يسمى التكسوبلازما وهو طفيل له دورة حياة
معينة والإنسان بهذه الحالة يعتبر وسيطاً ناقلاً لهذه الدورة, حيث أن
إصابة المرأة بهذا الطفيل يعطيها مناعة لأن الجسم في هذه الحالة يفرز
أجساماً مضادة تعطي مناعة، لذا فقد لا تكون هناك أي مشكلة، فيما بعد، لكن
في حالة عدم وجود مناعة وتعرّضت المرأة الحامل لهذا الطفيل لأول مرة فقد
يسبب لها مشكلات عديدة ومنها الإجهاض، فإذا تعرضت المرأة لهذا الطفيل في
المرحلة الأولى من الحمل سبب لها إجهاضاً مبكراً، وإذا كان في المرحلة
الثانية فقد يصيب الطفل بتشوهات قد تصيب العين أو الكبد وتسمى في هذه
الحالة «عدوى جنينية»، لكن في حال إصابة المرأة سابقاً بهذا الطفيل وتعرضت
له مرة أخرى في أي مرحلة من مراحل الحمل فلن يحدث هناك أي مضاعفات لها أو
للجنين بسبب وجود الأجسام المضادة.
وبالنسبة للأمراض التي تنتقل عن طريق الطيور فتقول المصادر الطبية: إن مرض
بوستكوس، وهو مرض بكتيري، ويصيب الإنسان ولا تظهر أعراضه مباشرة، لأن فترة
حضانته لمدة أسبوع، ومن أعراضه الحرارة، والصداع، وآلام في العضلات، وهو
مرض خطير جداً في حالة تطوره وقد يؤدي إلى الوفاة، وقد تتطور هذه الأعراض
وتصل إلى الكبد، أو الجهاز العصبي، أو أغشية القلب، وأضاف أنها تنتقل عن
طريق البراز الجاف، وتكون موجودة في الهواء أيضاً، لأن الطائر يتخلص من
البراز أحياناً أثناء الطيران.
أما بالنسبة للكلاب فهناك الفيروسات المسؤولة عن الإصابة بسرطان الثدي
واسمها MMTV وأثناء الاحتكاك والتعامل مع الكلب تنتقل هذه الفيروسات
بسهولة للإنسان، فالضرر الناتج عن الاحتكاك بالكلاب كبير جداً وقد كشف
العلماء أشياء كثيرة في لعاب الكلب وفي دمه وفي وبره، فكلّه مأوى للجراثيم
والفيروسات, لذلك الاختلاط بهم يجب أن يكون تحت مظلة صحية سليمة.
الشرع
حين يتحدث الطب والمجتمع لايمكن أن يصمت الشرع الذي أكد من الفوائد
والثواب التي يجنيها الإنسان إذا أحسنّا معاملتها وإطعامها كما ورد عن
النبي (ص)، في الرجل الذي دخل الجنة لإروائه كلباً عطشاناً، المرأة التي
أدخلها الله النار بسبب حبسها لقطة فلا هي أطعمتها ولاهي تركتها تأكل من
خشاش الأرض، ولكن هذا مشروط بالنية فإذا كانت النية التباهي والمفاخرة
فذلك لا يجوز، أما بالنسبة للكلاب فمن المحرَّم تربيتها إلا لغايات
الحراسة والرعي ومن المعروف عن الرسول قوله إن البيت الذي تدخله الكلاب لا
تدخله الملائكة.
أخيراً
بالطبع لسنا في وارد إجراء بحث علمي أو اجتماعي معمق عن تربية الحيوانات
نلحظ فيه فوائدها ومضارها؛ إلا أن المصادر الطبية لفتت الانتباه إلى أن
حيوانات المنازل قد تسبب الحساسية، خاصة في حال كان الجسم قابلاً للتحسس
أما الطيور وخاصة الببغاء، فهي تسبب الحساسية بسبب احتوائها على
الطفيليات، والديدان وهي مكتسبة من الطبيعة، لذا نجد دائماً الطيور تحاول
تنظيف نفسها بمنقارها، أما الديدان الداخلية فهي نتيجة عدوى تنتقل بين
الطيور, لذلك يوصي الأطباء بفحص الحيوان قبل اصطحابه للمنزل للتأكد من عدم
وجود طفيليات، أو ديدان داخلية، أو خارجية، ويجب إعطاؤه اللقاحات اللازمة
حسب نوع المرض الذي يمكن أن ينقله الحيوان، ومتابعة الزيارات الدورية
للطبيب البيطري, بالطبع هنا لابد من الإشارة إلى أهمية دور الجهات المعنية
في الحد من هذا الإزعاج وتضع حدوداً للحريات المباحة لتربية الحيوانات,
كما من المفيد الإشارة والتذكير بأنه صدر القانون رقم/49/ للعام 2004
المتعلق بشؤون النظافة العامة والمحافظة على المظهر الجمالي للأبنية
والمحلات التجارية والحدائق العامة وجاء في الفقرة 24 من المادة /6/ :
يحظر تحت طائلة المسؤولية تربية الحيوانات والمواشي والطيور والدواجن ضمن
الأبنية، وبين الدور الآهلة بالسكان في مدن ومراكز المحافظات والمواقع
الأثرية والسياحية, كما وجاء في الفصل السابع من المادة (38) يعاقب بغرامة
تصل إلى ثلاثمئة ألف ليرة لكل من يخالف أحكاماً من الفقرات السابقة..
لكن..لاعقوبة دون شكوى .