منتدى فرجيوة نت
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل 1011
منتدى فرجيوة نت
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل 1011
منتدى فرجيوة نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى فرجيوة نت

منتدى تعليمي متنوع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
مركز تحميل المنتدى
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل UAk02148

~¤¢§{( أنت الزائر رقم )}§¢¤~


المواضيع الأخيرة
» برنامج تصميم جداول الحصص المدرسية للاساتذة كل حسب مادته مطلوب بكثرة
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالجمعة 1 أكتوبر 2021 - 20:31 من طرف كريم ياسين

» كتاب مميز في تمارين ( اللغة والرياضيات و الفرنسية 5) ابتدائي
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالخميس 11 مارس 2021 - 19:12 من طرف مصطفى معلم

» 15 امتحانا في اللغة العربية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالجمعة 26 فبراير 2021 - 22:20 من طرف مصطفى معلم

» برنامج تسيير مستشارية التربية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالأربعاء 6 يناير 2021 - 20:51 من طرف عمارلقرع

» أفضل برنامج تسيير ( متوسطة ) برنامج رائع و متميز
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالأربعاء 6 يناير 2021 - 20:43 من طرف عمارلقرع

» لعبة سيارات رائعة
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالإثنين 13 أبريل 2020 - 2:43 من طرف samia84

» برنامج استعمال الزمن للمتوسط و الثانوي مجاني
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالأربعاء 1 أبريل 2020 - 9:31 من طرف zine12

» برنامج مستشاارية التربية مهم لكل ادارة مدرسية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 0:05 من طرف الزعيم

» برنامج حساب الساعات الضائعة للأستاذ
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 22 فبراير 2020 - 20:44 من طرف الزعيم

» جميع فروض الفصل الاول و الثاني مع الحلول السنة الثانية ثانوي علوم تجريبية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالثلاثاء 26 نوفمبر 2019 - 16:59 من طرف باي

» ملفات التوثيق الاداري...( الأمانة و مستشار التربية)
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 23 نوفمبر 2019 - 21:49 من طرف samia84

» حمل اسطوانة روضة الحروف والكلمات لتعليم الاطفال الحروف الهجائية العربية قرائتها وكتابتها برابط واحد مباشر
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالإثنين 14 أكتوبر 2019 - 16:37 من طرف ياسر جود

» أكثر من 400 مسألة و تمرين محلول بالتفصيل حلول لجميع تمارين الكتاب المدرسي حلول مفصلة لتمارين نموذجية حول الإختبارات لمختلف الثانويات الكتاب نادر جداً و أنصج الجميع بتحميله في انتظار إنجاز و رفع باقي النسخ تباعاً..إن شاء الله ... هذا الموضوع حصري ... من إ
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 5 أكتوبر 2019 - 21:36 من طرف krimo vitch

» حل تمارين الكتاب المدرسي رياضيات سنة اولى ثانوي من دليل الاستاذ
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 5 أكتوبر 2019 - 21:15 من طرف krimo vitch

» التوقيت الأسبوعي لكل المستويات بنمط جديد
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالأحد 23 يونيو 2019 - 20:27 من طرف cem_bellil

» اختبار الثلاثي الثاني في مادة اللغة العربية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 2 مارس 2019 - 19:55 من طرف محمد الصالح الجزائري

» إليكم اختبارات السنة الثانية متوسط الفصل الثاني
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 2 مارس 2019 - 19:51 من طرف محمد الصالح الجزائري

» جميع فروض للفصل الاول والثاني مع الحلول للسنة الاولى ثانوي جذع مشترك علوم وتكنولوجيا
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالسبت 2 مارس 2019 - 8:45 من طرف عبد اللطيف

» الفروض الخاصة بالدراسة بالمراسلة الموسم الدراسي 2009-2010 السنة الأولى ثانوي للجذعين المشتركين
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالإثنين 24 ديسمبر 2018 - 21:47 من طرف محمد الصالح الجزائري

» اختبارات و فروض الفصل الثالث في اللغة العربية اولى ثانوي جميع الشعب
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالإثنين 24 ديسمبر 2018 - 21:42 من طرف محمد الصالح الجزائري

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الزعيم
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
سفيرالسلام
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
قطرالندى
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
salama
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
المتميزة
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
تسنيم
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
انشتاين
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
hogo
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
الامل القادم
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
جهان
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_rcap مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Voting_bar مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Vote_lcap 
المواضيع الأكثر نشاطاً
جميع فروض للفصل الاول والثاني مع الحلول للسنة الاولى ثانوي جذع مشترك علوم وتكنولوجيا
مذكرات مادة علوم الطبيعة و الحياة سنة ثانية ثانوي شعبة اداب و فلسفة
حلول تمارين كتاب الرياضيات للسنة 1 ثانوي جذع مشترك علوم وتكنولوجيا
جميع فروض الفصل الاول و الثاني مع الحلول السنة الثانية ثانوي علوم تجريبية
مجموعة إختبارات و فروض مع الحلول في جميع المواد السنة الثالثة متوسط
جميع فروض الفصل الاول و الثاني مع الحلول السنة الثانية ثانوي آداب فلسفة
مذكرات ودروس في مادة علوم طبيعية ( ثانية أداب وفلسفة ) المجال الثاني
فروض واختبارات للسنة الثانية
جميع فروض للفصل الاول والثاني مع الحلول في جميع المواد السنة 3م
حل تمارين الكتاب المدرسي رياضيات سنة اولى ثانوي من دليل الاستاذ
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 69 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 69 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 986 بتاريخ السبت 1 مارس 2014 - 18:59
تصفح اهم الجرائداليومية
 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Chork10 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Khab10 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Nahar10
- مباشر - زوار الموقع عبر العالم

 

  مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الامل القادم
نائب مدير
نائب مدير
الامل القادم


رقم العضوية : 1150
المزاج :  مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Pi-ca-10
المهنة :  مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Engine10
عدد المساهمات : 138
نقاط : 403
تاريخ التسجيل : 21/08/2010
العمر : 41

 مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل    مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل I_icon_minitimeالجمعة 12 ديسمبر 2014 - 18:49


مفهوم الأدب

يتناول الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه "الأدب وفنونه" مفهوم الأدب, وذلك في الفصل الأول بعنوان "نظرية الأدب". وهو يأخذ بأيدينا ليناقش معنا المفهوم من الناحية الاصطلاحية, بطريقة منطقية مشوقة, وينتهي أخيرا إلى أنه من الصعب تعريف الأدب, وإنما يمكن تقديم تعريف مبدئي للعمل الأدبي. ولكي يصل إلى ذلك التعريف يناقش مجموعة من القضايا يمكن إيجازها فيما يأتي:
1- معني كلمة أدب في اللغة:
كلمة "أدب" في الإنجليزية, وكذلك في الفرنسية مأخوذة من litera, وهي بذلك توحي بالأدب المكتوب أو المطبوع. ولكن ينبغي أن يشمل تعريف الأدب ذلك الأدب الملفوظ كذلك. ولهذا كان للفظتين في الألمانية والروسية التين تعنيان "فن الكلمة", ميزتها على نظيرتيهما الإنجليزية والفرنسية.
وإذا قلنا إن الأدب هو فن الكلمة, سواء الكلمة المقروءة والكلمة المسموعة. كان علينا أن نعود لنتساءل: هل يتمثل الأدب فيما نقرأ مكتوبا من شعر مثلا؟ وعندئذ تكون الكتابة في ذاتها, أي الحروف المنقوشة بالحبر على الورق جزءًا من القصيدة؟ طبيعي أن هذا لا يمكن الأخذ به؛ لأن الشعر مستقل تمامًا عن هذه الحروف المكتوبة, وعن نوع الحبر الذي كتبت به, وليست الكتابة في الواقع إلا نوعا من التسجيل لهذا الشعر, يضمن وجوده وبقاءه في مكان ما؛ ولذلك يمكن أن يوجد الشعر غير مكتوب حين يتمثل في الذاكرة. وكذلك ليس الأدب ما تنطق به من شعر مثلا؛ لأن قراءتنا لهذا الشعر ستتأثر بصوتنا من حيث معدنه, وبمقدرتنا على إخراج الحروف إخراجًا سليما. وعندئذ هل تكون هذه الأصوات التي تخرج من أفواهنا هي الشعر؟ طبيعى أنها ليست كذلك؛ لأنها أشياء متغيرة. ومن هنا كانت القطعة الأدبية الواحدة تختلف على لسان القارئ نفسه من وقت إلى آخر, متأثرة بحالته الخاصة؛ ولذلك فالصوت الذي يؤدَّى فيه العمل الأدبي حين يُقرأ يضيف إليه عناصر ليست في العمل الأدبي, ولكن القول بأن العمل الأدبي حشد من الأصوات يبدو غير كافٍ تماما, كما لا يكفي القول بأنه تلك الحروف المنقوشة بالحبر على الورق.
وعلى هذا فعبارة "فن الكلمة" لا تكفي للدلالة على الأدب إذا كان المقصود بها الكلمة, سواء المكتوبة والمنطوق بها, فإذا لم يتمثل الأدب فيما هو مكتوب أو منطوق به ففيم إذن يتمثل؟
وهنا ينتقل الدكتور عز الدين إسماعيل إلى القضية التالية، وهي علاقة الأدب بالمزاولة النفسية أي تناوله عقليا ونفسيا.
2- المزاولة النفسية للأدب:
هنا يأتي القول بأن العمل الأدبي ليس شيئا خارج العملية العقلية التي نزاولها في القراءة أو في الاستماع إلى قصيدة مثلا. ومعنى هذا أن الأدب يتمثل في نفوسنا؛ في نشاطنا النفسى الذي نبذله حين نقرأ الكلمة أو نستمع إليها. ولكن هذا الحل النفسي بدوره غير كاف. صحيح - بطبيعة الحال - أن القصيدة لا يمكن أن تُعرَف إلا من خلال الخبرات الفردية, ولكن القصيدة ذاتها ليست هي نفس هذه الخبرات, فكل مزاولة فردية لقصيدة من القصائد تحتوى على شيء خاص وفردي صرف, فهي تتلون بلون حالتنا واستعدادنا الفردى, والثقافة, وشخصية كل قارئ, والجو الحضاري العام في فترة من الزمن, والمفاهيم الدينية والفلسفية والفنية الصرف لدى كل قارئ. كل ذلك يضيف شيئا مفاجئا جديدا لكل مرة من مرات قراءة القصيدة؛ فقراءتان في زمنين مختلفين للفرد نفسه يمكن أن تختلفا اختلافا واضحا, سواء لأنه قد نما عقليا, أو لأن الظروف الوقتية أضعفته, كالتعب أو القلق أو التشتت الذهني. وهكذا نجد أن كل مزاولة للقصيدة تترك شيئا أو تضيف شيئا فرديا. ولن تتسع المزاولة حتى تشمل القصيدة, فحتى القارئ الممتاز نفسه, سيكشف في القصيدة الواحدة في كل مرة من مرات قراءتها تفاصيل جديدة لم يعانيها خلال قراءاته السابقة. ولا حاجة بنا إلى الإشارة إلى مبلغ الضحالة والاختلاط في قراءة قارئ أقل دربة أو غير مدرب.
فالقول إن نشاط القارئ العقلي هو القصيدة ذاتها, أو العمل الأدبي ذاته, يؤدي إلى نتيجة غير معقولة؛ هي أن القصيدة لا توجد ما لم يمارسها إنسان, وأنها تُخلق من جديد في كل ممارسة, فلن تكون هناك إذن "كوميديا إلهية" واحدة, بل كوميديات إلهية بعدد ما يوجد, وما وجد, وما سيوجد من قراء. وبذلك ننتهي إلى الشك والفوضى التامة.
وإذا فالدراسة النفسية - التي تنظر إلى العمل الأدبي متمثلا خلال العملية العقلية, سواء لدى القارئ أو المستمع, وسواء لدى المتحدث أو المؤلف, تثير من المشكلات أكثر مما تساعد على حل المشكلة الأساسية.
فكلمة "أدب" إذن لا تعني ما هو مكتوب أو منطوق به, ولا ممارسة ما هو مكتوب, أو منطوق به.
إن هذا ينقلنا إلى العلاقة بين طبيعة الأدب ووظيفته عبر التاريخ.

3- طبيعة الأدب ووظيفته عبر التاريخ:
لقد تغيرت مفهومات طبيعة الأدب ووظيفته عبر التاريخ, وقد مال البعض في تعريفه للأدب إلى تضييق ميدانه حين نظر إلى بعض الإنتاج الفكري دون بعضه الآخر. وفي الجانب المقابل نجد من يتوسع في معنى الأدب حتى ليدخل في ميدانه الكتابات التشريعية والدينية والطبية. وهذان المفهومان المتطرفان لا يصيبان شيئا من الحقيقة؛ لأنهما تنقصهما الدقة اللازمة. ويمكن البدء في محاولة تعريف للأدب "إذا نحن نظرنا إلى اعتبارين: فالأدب يتكون من تلك الكتب, وتلك الكتب وحدها, التي لها أولا وقبل كل شيء -بحكم موضوعها, وطريقة تناول هذا الموضوع - أهمية إنسانية عامة. وهي -بعد ذلك- يُنظر إلى عنصر الصورة فيها, والمتعة التي تقدمها الصورة, على أنها جوهرية, فالقطعة الأدبية تختلف -من ناحية- عن بحث متخصص في علم الفلك أو الاقتصاد السياسي أو الفلسفة أو حتى التاريخ؛ لأنها لا تتصل بطبقة خاصة من القراء فقط, بل بالناس, من حيث هم ناس, رجالا ونساء, وفي حين نجد موضوع البحث -من ناحية أخرى- يكتفي بأن ينقل المعرفة, إذا بالقطعة الأدبية, سواء أكانت تنقل المعرفة كذلك أم لا, من أهدافها المثالية أن تُحدث الرضا الفني, وذلك بالطريقة التي تقدم بها موضوعها".
وهذه الخطوة في محاولة فهم ماهية الأدب لم تزد على أن أدخلت عنصرا جديدا في البحث هو عنصر "المتعة الفنية" التي يحدثها الأدب. وطبيعي أن هذا العنصر الجديد ليس جزءًا من طبيعة تكوين الأدب, بل هو أثر له, فالمتعة قد تحدث لشخص يتلقي عملا أدبيا ولا تحدث لشخص آخر يتلقى نفس هذا العمل, على أننا كذلك قد نجد المتعة في أشياء ليس لها بالأدب صلة.
وهذا ينقلنا إلي الكلام عن المتعة والمنفعة في الأدب.

4- المتعة والمنفعة في الأدب:
هنا نطرح سؤالا: هل تكمن أهمية الأدب فيما يقدمه لنا من متعة أم منفعة؟
إن هناك أشياء تمتعنا وهي ليست من الأدب في شيء, وكذلك هناك أشياء نافعة ولا تمت إلى الأدب بصلة, فحتى هذان الأثران المعروفان للأدب ليسا إذن أثرين خاصين به. وهنا "ينبغي أن نأخذ بأن متعة الأدب ليست متعة مختارة من بين قائمة بالمتع الممكنة, ولكنها متعة أعلى؛ لأنها متعة لنشاط أرقى, أعني تأملا لا يهدف إلى حيازة شيء. أما المنفعة أو الجدية والتعليم في الأدب, فهى جدية ممتعة, أعني أنها ليست جدية الواجب الذي يجب أن يُعمل, أو الدرس الذي يجب أن يُحفظ, ولكنها جدية فنية, جدية إدراك حسي..".
فإذا ما خصصنا نوعي المتعة والمنفعة اللذين يحدثهما الأدب ويؤثر بهما في التلقي, أمكننا أن نصل إلى الحديث عن الأدب ذاته, إذا ما تساءلنا عن سر المتعة والمنفعة في العمل الأدبي: لماذا كان الأدب ممتعا ونافعا؟
والحق أن "عنايتنا بالأدب ترجع أولا وقبل كل شيء إلى أهميته الإنسانية العميقة الباقية, فالكتاب العظيم يستمد مباشرة من الحياة, ونحن حين نقرأه نستكشف بين أنفسنا والحياة علاقات كثيرة وطيدة وجديدة. وفي هذه الحقيقة نجد التفسير النهائي لما له من قوة, فالأدب إبداع جديد حي لما رآه الناس في الحياة, وما خَبَروه منها, وما فكروا فيه وأحسوا به إزاء مظاهرها التي لها عندنا جميعا أهمية مباشرة وباقية, تفوق كل أهمية. وهو بذلك يُعَد -بصورة أساسية - تعبيرا عن الحياة وسيلته اللغة. ولكن من المهم أن نفهم منذ البداية أن الأدب يعيش بفضل الحياة التي تتمثل فيه".
فالمتعة والنفع اللذان نتحدث عنهما في الأدب مصدرهما تلك الأشياء التي نجدها في العمل الأدبي, والتي لها أهمية إنسانية, فبمقدار ما يكون لهذه الأشياء من أهمية يكون إمتاعها ونفعها لنا. وقد قال "هدسن" في العبارة السابقة: إن الأدب تعبير عن الحياة وسيلته اللغة, وهنا نقول إن هذه الصلة الوطيدة بين الأدب والحياة هى السر فيما يتضمن من متعة ومنفعة؛ لأننا نحب أن نرى الحياة (منقولة إلينا), نحب أن نجلس في مكاننا لنشاهد الحياة تمر بنا جزئياتها في سلسلة متصلة الحلقات (وهذه المتعة تتحقق في جلوسنا لقراءة كتاب, وتتمثل بصورة أوضح وأقوى في ذهابنا إلى "السينما" أو المسرح, ومشاهدتنا لأحد "الأفلام" أو إحدى المسرحيات), ولكن قيمة الكتاب الذي نقرؤه, أو "الفيلم" الذي نشاهده, لا تقف عادة عند مجرد قضاء سويعات في استعراض مشاهد ممتعة من الحياة, بل إننا نمضي بعد الفراغ من القراءة أو المشاهدة لنناقش ما قرأنا وما شاهدنا. وكثيرا ما نناقش أنفسنا بسبب كتاب قرأناه. وهناك كتب غيرت من منهج حياة قارئيها تغييرا كاملا. وهنا يتمثل ما للأدب من نفع, حين يعمق فهمنا للحياة, بل أكثر من هذا حين يوجه حياتنا, فالأدب يستمد من الحياة, ويدفع الحياة ويوجهها.
إن المتعة والنفع أثران للأدب, ولكن ما مصدر الأدب؟ أو ما مادته؟ هل هى الحياة كما نعيشها أم كما نتخيلها؟ هذا السؤال ينقلنا إلى التساؤل حول الحياة بوصفها مادة الأدب.

5- الحياة مادة الأدب:
مادة الأدب إذن في أية صورة من صوره هى الحياة, وانتقال هذه المادة إلينا يُحدث في نفوسنا المتعة, وقد يشكل حياتنا. ولكن هل هذا حقا هو كل شيء في الأدب: أن ينقل إلينا الحياة؟ لا شك أن الأدب يشتمل على عناصر أخرى. فإذا نحن رجعنا إلى العبارة القائلة إن: "الأدب تعبير عن الحياة وسيلته اللغة" كان علينا أن نفهم أن الأدب لا ينقل إلينا الحياة حقا كما هي, ولكنه يعبر عنها. وقد يقال إنه يفسرها, وقيل أيضا إنه ينقدها. وكل هذه العبارات المختلفة عن علاقة الأدب بالحياة تدل على أنه لا ينقل إلينا الحياة كما هى نقلا حرفيا. قد نقول إنه ينقل إلينا فهم الأديب للحياة من خلال تجاربه الشخصية. وهنا نكون قد أدخلنا عنصرا جديدا يقوم عليه الأدب, فبجانب الحياة لابد من "فهم" الأديب لها.
لكننا على أية حال لا ننقل الحياة كما هى, وإنما نأخذ منها مادتها بوصفها واحدا من عناصر أخرى كثيرة. فما عناصر العمل الأدبي؟

6- عناصر العمل الأدبي:
هناك عناصر كثيرة تشترك في تكوين العمل الأدبي, فنحن "أولا نجد بطبيعة الحال العناصر التي تقدمها الحياة ذاتها؛ تلك التي تمثل المادة الأولية لأي عمل أدبي, سواء أكان قصيدة أم مقالة أم مسرحية أم قصة. ثم هناك العناصر التي يضيفها المؤلف في عملية نقله هذه المادة الأولية إلى هذه الصورة أو تلك من صور الفن الأدبي, وهذه العناصر يمكن أن تقسَّم تقسيما تقريبيا إلى أربعة أقسام:
أولا: هناك العنصر "العقلى", ويتمثل في الفكرة التي يأتي بها الكاتب ليبني منها موضوعه, والتي يعبر عنها في عمله الفني.
ثانيا: هناك العنصر "العاطفي", وهو الشعور (كائنا ما كان نوعه) الذي يثيره الموضوع في نفسه, والذي يود بدوره أن يثيره فينا.
ثالثا: هناك عنصر "الخيال" (ويشمل النوع الخفيف الذي نسميه الوهم),وهو في الحقيقة القدرة على التأمل القوي العميق. وبعمله سرعان ما ينقل إلينا الكاتب قدرة مماثلة على التأمل. وهذه العناصر تجتمع لتقدم للأدب المادة والحياة. ولكن مهما تبلغ المواد التي قدمتها التجربة من الغنى, ومهما يبلغ فكر الكاتب وشعوره وخياله من الجدة, فإن عنصرا آخر يلزم الكاتب عند الاهتمام بهذه العناصر قبل أن يتمكن من إتمام عمله, فهذه المادة يجب أن تشكَّل وتهذَّب وفق مبادئ النظام والتناسق والجمال والتأثير. ومن ثم نجد عنصرا رابعا في الأدب هو العنصر "الفني", أو عنصر "التأليف والأسلوب".
هذا معناه أن الأدب يقوم على عناصر بعضها بمثابة "المادة" (الحياة والفكر والخيال والعاطفة), وبعضها يتحقق في عملية "التكوين" أي في بناء العمل الأدبي من هذه المادة, وهذا في الواقع تعبير آخر -ولكنه ربما كان أكثر دقة- عما يقسم إليه العمل الأدبي من "محتوى" و"صورة". فإذا كان المقصود بالمحتوى الأفكار والعواطف التي يشتمل عليها العمل الأدبي, فإن الصورة عندئذ تشمل كل العناصر الشكلية التي تعبر عن هذا المحتوى, "ولكننا إذا فحصنا هذا التمييز فحصا أكثر دقة لرأينا أن المحتوى يدل على بعض عناصر الصورة. فمثلا الحوادث المسرودة في الرواية تعد أجزاء من المحتوى, في حين أن الطريقة التي تنسَّق بها, بحيث تكون عملا قصصيا, تعد جزءا من الصورة, فإذا هى انفصلت عن طريقة التنسيق هذه فلن يكون لها تأثير فني بأي حال من الأحوال".
ومهما يكن من أمر دلالة المصطلحات المستخدمة في هذا المجال, فإن هناك صفات خاصة بما سميناه مادة العمل الأدبي, وهى صفات تعد جوهرية, ولابد من تحققها كيما يعد الأدب أدبا, وهناك صفات أخرى خاصة بالتكوين.
قد نقرأ العمل الأدبي لأغراض كثيرة, ولكننا إذا نظرنا إلى الأدب على أنه قوة حقيقية وجب علينا أن نبحث عن مصدر أسباب الرضا الأساسية, التي تتمثل في صفات: الوضوح, وعمق الفهم, وسمو الروح.
ويتحقق الوضوح من خلال إحساس المؤلف بالصورة, فالمؤلف يختار المادة وينظمها وفقا لغرض خاص. وهو بذلك يركز الاهتمام على الشكل الجوهري للأشياء في العالم المرئي وغير المرئي. وهو بذلك يومئ أيضا إلى الغرض الذي يوجه التجربة. ومؤلفات كبار الكتاب تهدي إلى السلوك السليم بأوسع معانيه؛ لأنها تكشف لنا عن النظام الدقيق, وعن الحكمة والتوافق بين العناصر المختلفة, التي بدونها تبدو الحياة أجزاء لا معنى لها. وهذا العمل يتضمن توضيحا واعيا للتجربة, لا عند المؤلف وحده بل عند القارئ كذلك, وذلك باتحاده مع المؤلف خلال عملية التمثيل.
وهنا نتساءل: هل كل موضوعات الحياة تصلح للأدب؟

7- موضوعات الأدب:
هنا يأتي بالضرورة السؤال عن الموضوعات التي تصلح للأدب وتلك التي لا تصلح, والواقع أن الأديب -على الرغم من أنه يختار موضوعه بلا شك- يعمل في ميدان كل ما يلقاه فيه صالح للعمل الأدبي هو ميدان الحياة, "فلم يعد من الممكن القول إن هناك بعض موضوعات تصلح للتناول وبعضا آخر لا يصلح, وفي خلال نمو الواقعية في الفن القصصي, واستخدام التحليل النفسي للشخصية, اتسع ميدان الأدب اتساعا عظيما".
ثم يأتي دور الأدب في أن يعمق فهمنا للحياة "بأن يُطْلِعنا لا على عالم الرؤية الخارجي فحسب, بل على العالم الداخلي للفكر والشعور كذلك.. إننا نبدأ في فهم كيف يعيش الناس, ومن أجل ماذا يموتون.. وكذلك فإننا ننظر في ذلك العالم الغامض؛ عالم العواطف واللاشعور. وعلاقتنا العاطفية الخاصة بالحقيقة الخارجية تلمس هذه الحقيقة وتوضحها بومضات اللون والضوء والظل. وهذه العلاقة الخارجية لا تكتفي بأن تخلق في الحال علاقة مثالية ... بين نفوسنا وبين العالم, ولكنها كذلك تجعل من المستطاع قيام علاقة مرنة واضحة بشكل غير عادي بين ظواهر تبدو منفصلة في عقولنا. ويتبع ذلك أنه ينبغي علينا أن نشحذ مداركنا حتى نستطيع فهم ظلال المعنى الدقيقة, وإدراك الطرق التي يستطيع بها الأدب أن يوسع من فهمنا عن طريق الدقة في الكناية والإيحاء".
فالعمل الأدبي يرتاد بنا الحياة, ويخلق بيننا وبينها علاقات جديدة من الفهم. والمعرفة, وهى الغاية التي تسعى لها الإنسانية في نشاطها الدائب.
وعندما نفهم طبيعة التجربة الموضوعية, وطابع الحياة الداخلية فإننا نجد أنفسنا -وقَلَّ أن يحدث ذلك- في ميدان الروح. وكثيرا ما يأتي هذا الشعور بالسمو نتيجة مثير عاطفي -له قوة ورهافة غير عادية- يقف وحده غالبا, سواء أكانت هناك علاقة بسيطة أم لم تكن بينه وبين مجموعة من القيم الراسخة في السلوك البشري. ولحظة من التفكير تذكرنا بمجموعة من القصائد التي لها من هذه القوة والإثارة ما يجعلنا نشعر بأننا نسمو عند قراءتها.
هذه الأسباب الثلاثة لرضائنا عن العمل الأدبي ليست منفصلة، ولكنها تتحد جميعا لتُخرج لنا عملا جميلا محكما.
ولكن هل يأخذ الأدب من الحياة وحسب أم يعطيها أيضا؟

8- شخصية العمل الأدبي وعلاقته بالحياة:
العمل الأدبي - فيما يبدو- ليس بسيطا. إنه يستمد من الحياة, ولكنه ليس مجرد معنى للحياة أو فكرة عنها نتعلمها كما نتعلم الأشياء الأخرى أو كما نتعلم ذلك من الفلسفة مثلا. إنه طاقة هائلة تشع ألوانا من الإشعاعات على مر الزمن, فلا يخبو لمعانها حتى يتجدد مع الإنسانية المتجددة الدائبة التجدد. وهى طاقة هائلة التأثير, فيكفي أن يقول الأديب كلماته حتى يكون لها من الفعل بالنفوس ومن تحريك الأرواح ما يفوق أثره كل قوة؛ ذلك أن فعلها لا يقتصر على جماعة من الناس في وقت من الأوقات, ولكنه من الممكن أن يمتد إلى كل إنسان في كل زمان وكل مكان. ويوم يطْلق الشاعر قصيدته يكون العالم قد كسب قوة هائلة جديدة, ولكنها قوة خالدة باقية.
إن خفقة القلب لَتدفعُ إلى الوجود وجودا, وإن لمحة الروح لَتنفذُ فتخترق القيود والسدود. وفي الوجود الأكبر تلتقي كل طاقة كونية: تلتقي الطاقة تشعها الذرة, وتلتقي الطاقة تشعها الكلمة.
فالأدب كائن حي متجدد الحيوية, متجدد الحرارة, وله كيانه وشخصيته, مثلي ومثلك. إنها شخصية ممتلئة بالقوة, ولكنها شخصية أميز ما فيها أنها مرنة, وليست صلبة جامدة. إن النبات والحيوان والإنسان جميعا تتكيف بحسب البيئة التي توجد فيها, وهذه القدرة على التكيف مرجعها إلى المرونة التى يتمتع بها كيانها وتتمتع بها شخصياتها. وهى كلما اختلفت عليها الأزمنة والأماكن راحت تتكيف مع البيئة الجديدة. ولولا هذه القدرة على التكيف، ولولا هذه المرونة التى تتمتع بها شخصياتها -على تفاوت بينها في أنصبتها من هذه المرونة- لوجدناها تنقرض وتزول, فالشخص لا يعيش إلا بما في شخصيته من مرونة يواجه بها ظروف الحياة فيتكيف معها, ويتغلب بذلك عليها, ويستمر بعد كل محنة في وجوده الحي النابض, وتزداد بذلك شخصيته قوة على قوة.
العلم الأدبي شخصية من هذا النوع, ولكنها شخصية جبارة, إنها شخصية قد كسبت قوتها من آلاف التفاعلات التي مرت بها في حياتها الطويلة. إننا نتفاعل مع أصدقائنا وأقاربنا وتلاميذنا ألوانا مختلفة من التفاعل بما هم كائنات حية تؤثر وتتأثر. وكذلك نتفاعل مع الأدب. ألسنا نتخذ في كثير من الأحوال من الشعراء الذين مرت عليهم مئات السنين أصدقاء لنا؟ ألسنا نطيل صحبة قصيدة من القصائد ونعتز بها؟ إننا نتفاعل بذلك معها كما نتفاعل مع أصدقائنا. نتفاعل معها فتؤثر فينا ونؤثر فيها, ولكننا نمضي جميعا وتبقى هى محتفظة بحصيلة تلك التفاعلات, ممتعة بما أفادت من تأثرات الألوف من الذين صاحبوها في وقت من الأوقات وتفاعلوا معها. ألا يكون للعمل الأدبي بعد ذلك شخصية جبارة, وطاقة هائلة؟ ولكنها شخصية مرنة, وطاقة متلونة.
إنها شخصية مرنة لا تقف منك موقف عناد, ولا تصر على شيء وهى بذلك تمتاز عن الحقائق الصارمة. إنك تقرأ هذه العبارة الحسابية (2+2=4) فلا تستطيع أن تفهم منها إلا فهما واحدا, ولن تخرج منها إلا بحقيقة واحدة, وهى حقيقة خالدة باقية كذلك, ولكنها حقيقة جامدة لا مرونة فيها بل فيها إصرار. ونحن نذعن دائما في هذه الحالة للإصرار والبناء. ويوم نريد من (2+2) أن تساوي خمسة مثلا تخذلنا العبارة, لأنها تصر على أن تساوي أربعة فقط, ولا يمكن التزحزح عن هذا الإصرار. وعندئذ نمضي طائعين أو مكرهين إلى التسليم بهذه الحقيقة التي نضطر جميعا إلى الاتفاق عليها. إنها حقيقة صارمة جامدة لا حياة فيها, ومن ثم لا نتفاعل معها, فلا تتأثر بها شخصياتنا, ولا تترك شخصياتنا فيها أثرا. إنها شخصية ذات جانب واحد، إذا أمكن التعبير. ولكن العمل الأدبي شخصية متعددة الجوانب, وهذا هو السر في أنها تستطيع أن تجتذب أكبر عدد ممكن من الأصدقاء, هذا يتفاعل مع جانب, وذلك مع جانب آخر. إشعاعات كثيرة كما قلنا تلك التي تصدر عن الطاقة الهائلة الكامنة في العمل الأدبي. وكل منا يتلقى من هذه الإشعاعات بمقدار استعداده للتفاعل, وتبادل الفهم والتفاهم.
فمن أراد من العمل الأدبي صورة جامدة من الألفاظ فإنه واجد هذه الصورة, ومن أراد شخصية حية نابضة فإنه واجد هذه الشخصية. هذه إشعاعة، وتلك إشعاعة. ولكن فرق بين من يتذوق الأدب روحا, ومن يتذوقه صورة جامدة.
هكذا تقوم للعمل الأدبي شخصيته, ويتحدد ما فيه من طاقة وقوة بمقدار ما يستمد من الحياة, وما يوصله إلى نفوس الآخرين، من خبرة جديدة وفهم عميق لهذه الحياة. ولكن يبدو أننا نتساهل كثيرا في هذا التصور؛ لأن كل ما يربطنا في الواقع بالأديب لا يزيد عن ألفاظ. وكأن كل ما حسبناه للعمل الأدبي من قوة هو كامن في الكلمات, فالأدب -كما سبق- تعبير عن الحياة "أداته اللغة". فكأن اللغة هى الظاهرة الأولى التي ينبغي الوقوف عندها عندما نتحدث عن الأدب؛ لأن الأدب لا يمكن أن يتحقق إلا فيها. وحين يفرُغ الأديب من أداء كلماته يكون -في الواقع- قد فرغ من أداء عمله الأدبي.
هذا ينقلنا إلى أهمية لغة الأدب.
9- اللغة في العمل الأدبي:
قد يبدو أن استخدام اللغة للتعبير أمر غاية في السهولة, ألسنا نستخدم اللغة كل يوم وكل دقيقة في قضاء حاجاتنا, وفي التفاهم مع غيرنا؟ فاللغة وسيلة طيعة لقضاء أمورنا وربطنا بالآخرين. ولكن اللغة في العمل الأدبي تختلف عن هذا, ومهما بلغت اللغة من وفرة المفردات التي تستطيع أن تنقل أدق المعاني, وأدق ظلال لهذه المعاني؛ فإنه تبقى هناك صعوبة تواجه الأديب في استخدامه اللغة في عمله الأدبي. والذين يمارسون الإنتاج منا يلاحظون في يسر أن اللغة لا تكون في كل الأحوال تلك الأداة الطيعة للتعبير عن المعنى أو الفكرة أو الشعور, فهذه الأشياء لا يتم نقلها خلال الألفاظ إلا بعد جهد كبير, ولا نذهب في المثل بعيدا, فكلنا قد مارس الكتابة العادية, وصادف الصعوبات التي كانت تقتضيه أن يقدم لفظة على لفظة, أو يستبدل لفظة بأخرى, أو يُضرب عن التعبير كله ليبدأ من جديد تركيبا آخر للألفاظ يراه أقرب إلى تكوين الجملة التي تنقل المعنى أقرب ما يكون إلى الدقة, أو أقرب ما يكون إلى ما في نفسه, فإذا أدركنا ذلك كان تقريرنا للصعوبات التي يواجهها الأديب في استخدام اللغة أمرا بديها. ولكن حينما نعرف أن الأديب لا يكتفي بمجرد أن يُفْهِمنا شيئا أو ينقل إلى نفوسنا معنى, ولكنه -إلى جانب ذلك- يهدف إلى التأثير فينا, عندئذ ندرك الجهد الذي يبذله الأديب لتطويع الألفاظ لأداء مهمته الكبرى, فالمؤلف لا يكتفي بأن يجد اللغة الدالة على ما يرغب في أن يقوله, ولكنه يجب كذلك أن يذهب -أبعد من الدلالة- إلى الإيحاءات الفنية خلال ذبذبات النفس والفكر.
وهذا معناه أن الأديب يختار في عمله الأدبي الكلمات ذات الإيحاء الفني. ولكن ينبغي ألا توقِعنا هذه العبارة في الفكرة الخاطئة التي شاعت قديما واتُّخذت في كثير من الحالات أساسا للحكم على الإنتاج بأنه أدبي أو غير أدبي, وأعني بذلك الفكرة القائلة أن هناك لغة أدبية, أو -على وجه التحديد- ألفاظا أدبية وأخرى غير أدبية, فكما أن موضوعات الحياة كلها تصلح للتناول الأدبي -ومن الخطأ أيضا بطبيعة الحال أن نقول أن هناك موضوعات تصلح للأدب وأخرى لا تصلح- فكذلك كل ألفاظ اللغة صالح لأن يستخدم في عمل أدبي. كل ما في الأمر أن الأديب يختار للكلمة المكان الذي تكون فيه أصلح كلمة تستخدم, وتكتسب الكلمة "وضعا" خاصا باستخدام الأديب لها في ذلك المكان؛ وهذا جزء من عملية التطويع التي يتناول بها الأديب اللغة ليُخضعها لغرضه, ويستخدمها استخداما خاصا.
ويلاحظ "نيومان" أنه بينما تستخدم الأغلبية من الناس لغة زمانهم "كما يجدونها" فإن العبقري يستخدم اللغة لأغراضه الخاصة, ويشكلها تبعا لاستعداداته الخاصة. ويعلق "هدسون" بقوله: "ومعنى هذا أن اللغة تستقبل دائمًا أثرا جديدا خاصا على يدي كل كاتب له شخصية قوية التميز".
فالكلمة قد تكتسب قوتها من الشخصية التي استخدمتها. وكم من عبارات كان لها أثرها في النفوس لم تكن لتُحدث هذا الأثر لو لم تصدر عن شخصية بذاتها.
إن الأديب ذا الشخصية القوية المؤثرة يخلق للكلمة -باستخدامه إياها- مجالا واسعا, ولا يلبث الكثيرون أن يجدوا أنفسهم واقعين في إسارها. فمن حيوية الشخصية وقوتها تستمد الكلمة, وهى بهذه الحيوية والقوة تؤثر في الآخرين وتفرض نفسها عليهم.
فإذا كانت خاصية اللغة التي يستخدمها العالم في شرح نظرية هى نقل الدلالة العامة التي يتحد جميع الناس في كل زمان ومكان في معرفتها، حتى لقد يستخدم العالم الرموز الإشارية لنقل هذه الدلالات, وكانت خاصية اللغة التي تستخدم لأغراض الحياة اليومية هى أنها محلية تتخذ وسيلة لقضاء الأمور المعيشية, فإن خاصية اللغة -حين تستخدم استخداما أدبيا- هى أنها إيحائية, فهى "لا تكتفي بأن تقرر وتعبر عما تقول, ولكنها كذلك تهدف إلى التأثير في اتجاه القارئ وإقناعه, وتغييره تغييرا تاما".
إن لكل لغة إمكاناتها, وليس العمل الأدبي إلا بناء لغويا يستغل أكبر قدر ممكن من هذه الإمكانات. ولكن هذا البناء لا تأخذ صورته شكلا طبيعيا, "فهى ليست تخطيطا هندسيا أو شكليا, ولكنها أقرب إلى أن تكون - كما هو الشأن في الموسيقى - تطورًا ناميا لموضوع. فالأدب إذن -كالموسيقى والمسرحية الممثلة- فن حيوي, بمعنى أنه حركة تحدث نتيجة لقوة".
معنى هذا أن الأدب يستخدم أداة تعبيرية من نوع خاص, يتحقق فيها إمكانات الموسيقى من جهة, كما أنه يتبع في تكوينه نظاما تشكيليا خاصا بها. ولكن الأدب -بعد كل هذا, أو قبله- ليس موسيقى, وليس نحتا. فالأديب الذي يخيل إليه أنه يستطيع في عمله أن يخلق بناء موسيقيا إنما هو أديب واهم؛ لأن "الموسيقى فن هائل قائم بذاته, وإمكاناته الخاصة تقع نهائيا وراء مدى اللغة المتكلمة". وكذلك الأدباء الذين يظنون أنهم يستطيعون أداء مهمة الفن التشكيلي في اللغة قد جرَّهم سوء الفهم إلى أن يحاكوا الفنانين, سواء باهتمامهم بالتفصيلات التي تقع عليها العين, أو بوصف أعمال من الفن التشكيلى.
والحق أن العمل الأدبي من حيث هو بناء لغوي يتضمن إمكانات موسيقية وأخرى تشكيلية, ولكن هذه الإمكانات في اللغة تعدو وسيلة لا غاية. قد يستفيد الأديب من الإيقاع والتجانس الصوتي وغيره من الزخارف الصوتية التي يستطيع تحقيقها في عمله الأدبي, ولكن يومَ تصبح هذه الأشياء هى كل مهمته فعندئذ لا يمكن أن يقال إنه قد أنتج أدبا, لأن الأدب شيء غير الموسيقى, ويستفيد الأديب بلا شك من الصور الحسية التي يلجأ إليها ليحقق المشاعر والمعاني في أشكال ملموسة مؤثرة.
وهكذا ينتهي الدكتور عز الدين إسماعيل إلى أن العمل الأدبي هو الشيء القائم الملموس, وهو ما يمكن أن نتناوله بالدرس. أما الأدب ذلك الشيء المجرد, فما أولانا ألا نتعب أنفسنا في محاولة تعريفه.
لذا ينتهي إلى تعريف مبدئي للعمل الأدبي بقوله: "إن العمل الأدبي بناء لغوي يستغل كل إمكانات اللغة الموسيقية والتصويرية والإيحائية والدالة في أن ينقل إلى المتلقي خبرة جديدة منفعلة بالحياة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم الأدب - الدكتور عز الدين إسماعيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم الأدب .. لغةً واصطلاحا
» مفهوم الأدب في النظرية الأدبية الحديثة ..
» مفهوم الأدب في النظرية الأدبية الحديثة
» قصة إسماعيل عليه السلام
» مفهوم التكنولوجيا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فرجيوة نت :: 
~¤¢§{(¯´°•. ۩۞۩ المنتدى التربوي التعليمي۩۞۩.•°`¯)}§¢¤~
 :: منتدى الجامعة الجزائرية :: قسم الادب العربي
-
انتقل الى: