المبحث الأول: ماهية الاستثمار الأجنبي المباشر
لقد كان لتدفق رؤوس الأموال الدولية المظهر البالغ الأهمية في بروز العولمة على وجه أوسع وأشمل، وأهم ما يميز ذلك هو التنافس المشتد بين الدول لاستقطاب أكبر قدر ممكن من هذه التدفقات، ويعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر أحد أشكال هذه التدفقات.
ونظرا لكون الاستثمار يعتبر الوسيلة ذات الأهمية التي تساهم في عملية التنمية لأي دولة ما كان من الضروري أن نعرج قليلا على موضوع الاستثمار من خلال مفهومه ، أنواعه ومبادئه ليكون ذلك مدخلا لمطالب هذا المبحث التي خصصت للتعريف بالاستثمار الأجنبي المباشر، خصائصه وأشكاله ونبذة تاريخية عن تطوراته.
المطلب التمهيدي: تعريف الاستثمار وأنواعه
يعتبر الاستثمار الأداة والوسيلة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية للدول، وقد كان لمصطلح الاستثمار، الحظ الوفير في الدراسات والكتابات الاقتصادية عبر التاريخ الاقتصادي.
أولاً: تعريف الاستثمار: هناك عدة تعاريف للاستثمار
فالاستثمار نعني به "الإضافة إلى رصيد المجتمع من رأس المال كتشييد مباني سكنية جديدة مصانع جديدة ، آلات جديدة ، فضلا عن أنه إضافة إلى المخزون من المواد الأولية والسلع التامة الصنع أو نصف المصنعة، فالاستثمار الإضافات إلى المخزون، فضلا عن رأس المال الثابت " .
ويعرف فهمي هيكل الاستثمار على أنه:" الإنفاق على الأصول الرأسمالية خلال فترة زمنية معينة، بمعنى الإضافة إلى أصول المؤسسة وتشمل المعدات، الآلات، ... والإصلاحات الجوهرية التي تؤدي إلى إطالة عمر الآلة وغيرها من الأصول أو زيادتها، وبالتالي فهو بذلك يعتبر الزيادة الصافية في رأس المال الحقيقي للمجتمع " .
ويضاف إلى هذين التعريفين مفهوم آخر للاستثمار حيث يعرف على أنه "التضحية بأموال حالية في سبيل الحصول على أموال مستقبلية " ، أو بعبارة أخرى " هو كل تضحية بالموارد في الوقت الحاضر لغرض الحصول مستقبلا على نتائج أو إيرادات بأقساط جامدة عبر الوقت ولكن بمبلغ إجمالي أكبر من النفقات الأولية"
ومن خلال هذه التعاريف يتبين لنا أن الاستثمار هو مجموعة التضحيات التي من شأنها زيادة الدخل وتحقيق الإضافة الفعلية إلى رأس المال الأصلي من خلال امتلاك الأصول التي تولد العوائد، نتيجة تضحية الفرد بمنفعة حالية للحصول عليها مستقبلا بشكل أكبر من خلال الحصول على تدفقات مالية مستقبلية أخذا بعين الاعتبار عنصري العائد والمخاطرة.
ثانياً: أنواع الاستثمار
هناك عدة أنواع للاستثمار، باعتباره يمكن أن يكون فرديا أو استثمار شركات أو استثمار حكومي (تموله الحكومة)، حيث يصنف إلى نوعين أساسيين هما الاستثمار الحقيقي والاستثمار المالي.
فالاستثمار الحقيقي يشمل كل الاستثمارات التي تؤدي إلى الزيادة في رأسمال المجتمع بمعنى زيادة طاقته الإنتاجية كشراء أو اقتناء الآلات والمعدات والمصانع الجديدة، أما الاستثمار المالي فهو يعبر عن الاستثمارات التي لا يترتب عنها سوى انتقال الملكية للسلع الرأسمالية من طرف لآخر دون إحداث زيادة في الطاقة الإنتاجية للمجتمع، كشراء الأسهم والسندات وغيرها من الأوراق المالية.
من ناحية أخرى قد يكون الاستثمار داخليا عند تكوين رأسمال حقيقي جديد داخل الدولة أو أجنبيا وذلك عند توجيه مدخرات الدولة إلى تكوين رأسمال حقيقي جديد في دولة أجنبية .
فكما يمكن أن يكون الاستثمار محليا (داخل الدولة)، يمكن أن يكون أجنبيا(*).
فالاستثمار الأجنبي باعتباره نوع من أنواع الاستثمار "يعبر عن امتلاك أحد المؤسسات أو أحد الأفراد في دولة ما لأصول مؤسسات تعمل في دولة أخرى"
وقد عرفه فريد النجار على أنه كل استثمار يتم خارج موطنه بحثا عن دولة متلقية سعيا وراء تحقيق جملة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية، سواء لهدف مؤقت أو لأجل محدد، أو لآجال طويلة، فقد يكون هذا الاستثمار مباشرا أو غير مباشر، وسواء كان ملكا لدولة واحدة أو لعدة دول أو شركة واحدة أو عدة شركات .
وينقسم الاستثمار الأجنبي إلى نوعين:
أ) الاستثمار الأجنبي غير المباشر:
وهو يخص الاستثمار في المحفظة أو التوظيف للمنقول، ويقصد به "شراء السندات والأسهم من الأسواق المالية" ، بمعنى آخر يتمثل هذا النوع من الاستثمار بقيام الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المقيمين في دولة ما بشراء سندات أو أسهم لشركات قائمة في دولة أجنبية، مع عدم اهتمامهم بدرجة النفوذ الممارسة، بل ينصب الاهتمام بالمحفظة على سلامة رأس مالهم وزيادة قيمة الأوراق المالية التي يملكونها .
وفي السابق كان لهذا النوع من الاستثمار تطورات كبيرة في الأسواق الدولية، خاصة مع اتساع أسواق الأورو دولار ، وتشير الدراسات الحديثة إلى تطور هذا النوع من الاستثمار، غير أنه يبقى عرضة للتطورات نتيجة للأزمات المالية، وبذلك اتجهت الدول النامية إلى تفضيل الاستثمار الأجنبي المباشر، نظرا لمرونته خلال الأزمات المالية.
ب) الاستثمار الأجنبي المباشر:
وهو يختلف عن الاستثمار في المحفظة لكونه ينطوي على تملك المستثمر الأجنبي لجزء من أو كل الاستثمارات في المشروع المعين، هذا بالإضافة إلى قيامه بالمشاركة في إدارة المشروع مع المستثمر الوطني في حالة الاستثمار المشترك أو سيطرته التامة على الإدارة والتنظيم في حالة ملكيته المطلقة لمشروع الاستثمار، فضلا عن قيام المستثمر الأجنبي بتحويل كمية من الموارد المالية والتكنولوجية والخبرة الفنية في جميع المجالات إلى الدول المضيفة .
وتسعى الدول النامية إلى اجتذاب قدر أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك للمزايا التي تترتب عليه وكذا تأثيره على الاستثمار المحلي والنمو الأقوى من تأثير القروض والاستثمار بالمحفظة عليه.
ونظرا لكون هذا النوع من الاستثمارات هو محل دراستنا فسوف نتعرض بالتحليل في المطالب الموالية إلى المفاهيم الأساسية له والخصائص وكذا المحددات وأشكال الحوافز الممنوحة لجذبه.
المطلب الأول: تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر وخصائصه وأشكاله.
يعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر من أهم أشكال تدفقات رؤوس الأموال الدولية وهو بذلك ساهم في انتشار ظاهرة العولمة، لكونه يلقى اهتماما وتفضيلا من طرف الدول المضيفة التي تجد فيه المنافع والمكاسب المرتبطة بعملية التنمية في الاقتصاد و بالتالي فهو يحتل مكانة كبيرة في الأدبيات الاقتصادية خاصة الرأسمالية منها ،وقد أكدت الاستنتاجات التي توصل إليها المؤتمر الذي ضم اقتصاديين و ممثلين لكبار رجال الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية في مارس 1961على أن الاستثمار الأجنبي أصبح القناة الرئيسية للعلاقات الدولية . فما هو الاستثمار الأجنبي المباشر؟ وما هي خصائصه وأشكـاله؟
أولاً: تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر
هناك مجموعة من التعاريف وردت للمنظمات أو الهيئات الدولية وكذا الكتاب الاقتصاديين نحاول أن نورد أهمها فيما يلي:
- يعبر الاستثمار الأجنبي المباشر حسب المنظمة المشتركة للتنمية الاقتصادية عن "ذلك الاستثمار القائم قصد تأسيس روابط اقتصادية دائمة مع المؤسسات، حيث أنه يعطي الفرصة للقيام بالأثر الحقيقي على تسيير المؤسسات المذكورة عن طريق:
• إنشاء أو توسيع مؤسسة ملحقة،فرع..الخ.
• المساهمة في مؤسسة جديدة أو قائمة من قبل.
• احتلال كامل لمؤسسة قائمة...
- ويعبر الاستثمار الأجنبي حسب صندوق النقد الدولي عن " ذلك النوع من أنواع الاستثمار الدولي الذي يعكس هدف حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر، وتنطوي هذه المصلحة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر والمؤسسة، بالإضافة إلى تمتع المستثمر المباشر بدرجة كبيرة من النفوذ في إدارة المؤسسة"
- ويرى جيل برتان الاستثمار الأجنبي المباشر على أنه:" يستلزم السيطرة (الإشراف) على المشروع بحيث يأخذ هذا الاستثمار بشكل إنشاء مؤسسة من قبل المستثمر وحده أو بالمشاركة المتساوية أو غير المتساوية، كما أنه يأخذ شكل إعادة شراء كلي أو جزئي لمشروع قائم"
- ويعبر الاستثمار الأجنبي المباشر حسب Rymand Bernard عن مساهمة رأسمال مؤسسة في مؤسسة أخرى، يتم ذلك بإنشاء فرع لها في الخارج أو الرفع من رأسمالها، أو قيام مؤسسة أجنبية رفقة شركاء أجانب، أو هو وسيلة تحويل الموارد الحقيقية ورؤوس الأموال من دولة إلى أخرى، وخاصة عند الابتدائية عند إنشاء المؤسسة"
- ويرى عبد العزيز هيكل الاستثمار الأجنبي المباشر على أنه " استثمار شركات مقيمة في إحدى الدول في شركات أخرى مقيمة في دول أخرى بشراء هذه الشركات، أو بإنشاء شركات جديدة وتزويدها برأس مالها الأساسي أو بزيادة رأسمال شركات موجودة أصلا، ويتضمن هذا المعنى إشراف المستثمر وتدخله في إدارة الشركات التي يستثمر فيها أمواله.
وغالبا ما تفضل الحكومات هذا النوع من الاستثمار(*) ، حيث أنه يتضمن في الغالب تزويد
الشركات المستثمر فيها بالمستلزمات (المدخلات) التكنولوجية.
* ومن خلال هذه التعاريف نستخلص التعريف التالي للاستثمار الأجنبي المباشر:
هو قيام طرف أجنبي بالاستثمار في الموجودات في دول أخرى ويكون للمستثمر دور فعال في إدارة موجوداته من خلال تأسيس الشركات أو المشاركات أو الاندماج مع شركة وطنية ...الخ،أي بمعنى آخر هناك موجودات للشركة الأم في الدول المضيفة ويدخل أيضا ضمن هذا النشاط عملية الخوصصة أي شراء الأجانب لشركات أو جزء منها في الدول المضيفة.
فالاستثمار الأجنبي المباشر يكون بواسطة الشركات المتعددة الجنسيات لأنها تمتلك البنى والهياكل التي تقوم بعملية الاستثمار في الخارج، وقد يتم تمويل هذه الاستثمارات من الأموال المملوكة والأرباح المحتجزة والقروض التي تحصل عليها سواء من الشركات الأم أو المؤسسات الأجنبية والمحلية، وعادة ما تقوم الشركات متعددة الجنسيات باستثماراتها في دول تتوفر على الموارد الطبيعية والسوق المناسبة والموارد البشرية الكفأة للقيام بالعملية الإنتاجية.
ومن خلال كل هذه التعاريف نستشف أن هناك خصائص تميز الاستثمار الأجنبي المباشر.
ثانياً: خصائص الاستثمار الأجنبي المباشر
يتميز الاستثمار الأجنبي المباشر بالعديد من الخصائص نذكر من بينها:
- الاستثمار الأجنبي المباشر بطبيعته استثمار منتج، فهو بالضرورة استغلال أمثل لما يستعمله من موارد، حيث لا يقدم المستثمر الأجنبي على استثمار أمواله وخبراته في الدول المتلقية إلا بعد دراسات معمقة عن الجدوى الاقتصادية للمشروع وكافة بدائله التكتيكية والفنية المتاحة.
- يساهم الاستثمار الأجنبي المباشر في عمليات التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال الوفرات الاقتصادية والمنافع الاجتماعية التي تحقق نتيجة لتواجده.
- يعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر كوسيلة لخلق مناصب الشغل وكذا توسيع نطاق السوق المحلية ومن جهة أخرى يساهم في نقل التكنولوجيا إلى البلد المضيف ، إضافة إلى أنه يدعم مبادلات التجارة الخارجية، من خلال اتجاهه للاستثمار في صناعات التصدير خاصة في تلك التي يتمتع فيها البلد المضيف بميزة نسبية مقارنة ببلد المنشأ ، يتصف الاستثمار الأجنبي المباشر بالتغير ، حيث يتميز بتحركاته جريا وراء الربح والفائدة وبذلك فهو ينتقل إلى الأماكن التي توفر له أعلى الأرباح ، أين توجد التسهيلات والإعفاءات واليد العاملة الرخيصة .
- يتميز الاستثمار الأجنبي المباشر عن كل من القروض التجارية والمساعدات الإنمائية الرسمية – التي أصبحت شديدة المشروطية – في أن تحويل الأرباح المترتبة عليه يرتبط بمدى النجاح الذي تحققه المشروعات المحولة عن طريق هذا الاستثمار ، بينما لا يوجد أي ارتباط بين خدمة الديون ومدى نجاح المشروعات التي تستخدم فيه .
- يتجه الاستثمار المباشر إلى الدولة المضيفة التي يحقق فيها أكبر عائد صافي بعد طرح أو خصم المخاطر والتكاليف، وبذلك فهو يتجه بكثرة إلى الدول ذات مناخ الاستثمار الملائم والمناسب.
ثالثا: أشكال الاستثمار الأجنبي المباشر
ينطوي الاستثمار الأجنبي المباشر على عدة أشكال :
1-الاستثمار المشترك :
هو مشروع الاستثمار الذي يملكه أو يشارك فيه طرفين أو أكثر من دولتين مختلفتين بصفة دائمة و يتضمن الاستثمار المشترك عمليات إنتاجية أو تسويقية تتم في دولة أجنبية ، و يكون احد أطراف الاستثمار فيها شركة دولية تقوم بالتسيير بدون السيطرة الكاملة عليه ، ومن خلال هذا التعريف نستنتج خصائص الاستثمار المشترك وهي:
- الاستثمار المشترك يتم عن طريق اتفاق طويل الأجل بين طرفين استثماريين احدهما وطني و الآخر أجنبي لممارسة نشاط إنتاجي داخل الدولة المضيفة.
- الطرف الوطني قد يكون تابعا للقطاع العام آو الخاص.
- شراء المشترين الأجانب لحصة في شركة وطنية يؤدي إلى تحويل هذه الشركة إلى شركة استثمار مشترك.
- لكل طرف من أطراف الاستثمار الحق في المشاركة في إدارة المشروع.
2- الاستثمار المملوك كليا من طرف المستثمر الأجنبي:
تعتبر مشروعات الاستثمار التي يملكها المستثمر الأجنبي بصفة كلية أكثر أشكال الاستثمارات الأجنبية تفضيلا لدى الشركات متعددة الجنسيات، وهو عبارة عن قيام هذه الأخيرة بإنشاء فروع للإنتاج أو التسويق...الخ ،ونجد في الجانب المقابل أن الدول النامية تتردد كثيرا إزاء هذا الشكل
ويعود ذلك إلى الخوف من التبعية الاقتصادية و ما ينتج عنها من آثار سلبية على المستوى المحلي والعالمي ،و الحذر من سيطرة احتكار الشركات متعددة الجنسيات على أسواق الدول المضيفة.
3- مشروعات أو عمليات التجميع:
تكون هذه المشروعات على شكل اتفاقية بين الطرف الوطني و الطرف الأجنبي )عام أوخاص(، حيث يقوم هذا الأخير بتزويد الطرف الأول بمكونات منتوج معين لتجميعها كي تصبح منتوجا نهائيا تام الصنع، وفي بعض الحالات و خاصة في الدول النامية يقوم الطرف الأجنبي بتقييم الخبرة أو المعرفة اللازمة و المتعلقة بالتصميم الداخلي للمصنع وطرق التخزين و الصيانة و التجهيزات الرأسمالية في مقابل عائد متفق عليه.ومشروعات أو عمليات التجميع قد تأخذ شكل الاستثمار المشترك أو شكل التملك الكامل لمشروعات الاستثمار للطرف الأجنبي.
4- المناطق الحـرة :
المنطقة الحرة هي جزء من الأرض تابع لدولة ما ويتم توضيح حدودها بطريقة قاطعة و تعتبر المنطقة الحرة جمركيا امتدادا للخارج فهي معزولة باعتبار جمركي، إلا أنها خاضعة للسيادة الوطنية من وجهة النظر السياسية، وفي داخل المنطقة الحرة يسمح بإقامة المشاريع الخاصة برؤوس الموال الجانبية أو الوطنية أو المشتركة ويتم فيها تداول البضائع المحلية و الخارجية و تجرى عليها بعض العمليات الصناعية ولا تدفع رسوما جمركية على تلك البضائع إلا عند اجتيازها حدود المنطقة الحرة إلى داخل الدولة.
المطلب الثاني: نبذة تاريخية عن الاستثمار الأجنبي.
أولا: الفترات الأولى للاستثمار الأجنبي.
1-بداية الاستثمار الأجنبي) 1800- 1913 (:
تميز الاستثمار الأجنبي في هذه الفترة بعدة خصائص منها قيام القطاع الخاص بالاستثمار و نشأة الاستثمار الأجنبي في أوربا ،بالإضافة إلى تزعم بريطانيا فيما يتعلق بتصدير رؤوس الأموال إلى الخارج وقد قامت اغلب الدول الأوربية الغربية بتشجيع استثماراتها الأجنبية ،فبريطانيا زادت من استثماراتها الأجنبية من .77مليار فرنك ذهبي إلى 14 فرنك ذهبي كما دعمت بلدان أخرى سياستها التوسعية في التجارة و الاستثمار الأجنبي بعد عام 1870 مثل : بلجيكا، هولندا، سويسرا، وأخيرا قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء مصانع في كندا و أمريكا اللاتينية) كوبا، المكسيك،...(
و الملاحظ أن هذا الاستثمار كان بشكل استثمارات المحفظة، تجري عن طريق الأسواق المالية كأسواق لندن، باريس وأمستردام ، وكان الاستثمار الأجنبي في هذه الحقبة يتميز باتجاهه نحو أوروبا الغربية وبريطانيا، والجدول الموالي يوضح الاستثمارات الأجنبية البريطانية وتجارتها الخارجية.
الجدول رقم"1": التجارة الخارجية والاستثمارات العالمية.
السنة التجارة الخارجية الاستثمارات
1800 6,2 77,
1850 31,5 10
1880 100 100
1913 275 289
المصدر: جيل برتان، الاستثمار الدولي، منشورات عويدات، بيروت1970.
2- تراجع الاستثمار الأجنبي (1945-1919):
أثرت الحرب العالمية على الاستثمار الأجنبي تأثيرا عميقا سواء في حجمه أو اتجاهه، فقد خسرت بعض الدول كل ممتلكاتها وانخفض تراكم الاستثمار الأجنبي إلى 4/3 من قيمته الإجمالية، كما تم
تسجيل تحول اتجاهه نحو القطاع البترولي والصناعات التحويلية.
3- انتعاش الاستثمار الأجنبي (1966-1946):
اشتدت الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الدمار ونفقات الحرب و الديون التي أنهكت أوروبا الغربية والبلدان الأخرى، الأمر الذي جعل الاستثمار الأمريكي يزداد بنسب كبيرة، فقد زاد فيما بين سنة 1943-1964 بـ 6 مرات في فنزويلا و30 مرة في الشرق الأوسط مغيرا بذلك الوضع الذي كان سائدا قبل 1914.
وقد تغير الإطار العام أيضا، حيث برز بعد الحرب بؤس العالم الثالث ثم إن تأخره الاقتصادي المتفاقم وانتقاله إلى مرحلة الاستقلال السياسي استلزم معونة متزايدة من قبل الدول الغنية .
ورغم أن الاستثمار الذي يقوم به بلد ما في بلد آخر كان مرغوبا فيه، فانه لم يعد حرا بسبب الحواجز التي فرضتها البلدان الجديدة بل أصبح يدخل في كثير من الأحيان في نطاق خطة شاملة للتنمية .
4- الاستثمار الأجنبي من الستينات إلى بداية الثمانينات :
زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي في البلدان النامية من متوسط اقل من 2 مليار دولار سنويا في بداية الستينات إلى متوسط قريب من 13 مليار دولار فيما بين 1971-1981 ، إلا أن نسبة تدفقات الاستثمار إلى مجموع تدفقات رأس المال انخفضت بشكل كبير مع النمو السريع في الاقتراض الخارجي، وخاصة من البنوك التجارية ، وبالرغم من أن الاتساع السريع في قروض البنوك التجارية قد بدأ قبل الزيادة الأولى في سعر النفط ما بين 1973-1974 فان هذا الحدث عجل انخفاض أهمية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وخاصة البلدان غير المصدرة للنفط والتي مولت عجز ميزانها التجاري بالقروض الخارجية.
ففي عام 1973 مول الاستثمار الأجنبي المباشر نحو 20% من مجموع عجز الحساب الجاري وصافي تراكم الاحتياطات في البلدان النامية الغير منتجة للنفط مقابل 12% فقط في السنوات الموالية، ورغم ذلك فقد استمرت هذه التدفقات في الارتفاع حيث زادت قيمتها الحقيقية بمتوسط معدل سنوي بلغ 3% بالأسعار الثابتة والتي تقابل 10,5مليار دولار ما بين 1979-1981 لكنها انخفضت أثناء الكساد في 1982- 83 19 كما يوضحه الجدول التالي:
الجدول رقم"2": تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية(1973-1983).
مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر مليار دولار مجموع الخارجي القائم الدين نصيب الاستثمار الأجنبي المباشر من مجموع الالتزامات الخارجية
المقترضون الرئيسيون السبعة 1973-1983 1983 1983(%)
الأرجنتين 2,5 5,8 44,4 11,6
البرازيل 7,5 24,6 88,0 21,8
اندونيسيا 1,7 6,8 30,4 18,3
كوريا 0,7 1,8 38,9 4,4
المكسيك 3,1 13,6 89,4 13,2
الفلبين 0,9 2,7 23,9 10,9
فنزويلا 3,6 4,3 35,1 10,9
البلدان النامية غير المنتجة للنفط 47,0 140,9 685,5 17,0
المصدر:صندوق النقد الدولي 1985.
- تمثل أرقام الأسهم في نهاية 1983 القيمة الدفترية المقدرة لأسهم الاستثمار المباشر من البلدان
الصناعية في نهاية 1978 مضافا إليها تدفقات الاستثمار المباشر خلال 1973-1983
ثانيا: الاتجاهات الحديثة للاستثمارات الأجنبية في البلدان النامية.
شهد الاقتصاد العالمي نموا سريعا فيما يتعلق بتدفقات رأس المال الأجنبي، وذلك منذ أوائل الثمانينات حتى أنها كانت أسرع من التجارة العالمية أوالانتاج العالمي فخلال الفترة 1980-1997 زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي بما فيها المباشر إلى الخارج بمعدل يصل في المتوسط إلى حوالي 13% في السنة ، بالمقارنة بمعدلات متوسطة تصل 7% لكل من الصادرات العالمية من السلع والخدمات غير المرتبطة بعوامل الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي العالمي ) بالاسعارالجارية( خلال 1980-6 199 والجدول الموالي يوضح ذلك:
الجدول رقم"3": مؤشرات مختارة للاستثمار الأجنبي المباشر و الإنتاج الدولي (1986-1997)
القيمة بالأسعار الجارية مليار دولار معدل النمو السنوي %
1996 1997 86-90 91-95 1996 1997
تدفقات الاستثمار الأجنبي في الداخل 338 400 23.6 20.1 1.9 18.6
تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الخارج 333 424 27.1 15.1 0.5- 27.1
رصيد الاستثمار الأجنبي في الداخل 365 3156 18.2 09.7 12.2 12.7
رصيد الاستثمار الأجنبي إلى الخارج 3115 3541 21.0 10.3 11.5 13.7
الاندماجات و الممتلكات الخارجية 163 236 21.0 30.2 15.5 45.2
مبيعات الشركات الفرعية الأجنبية 8851 9500 16.3 13.4 6.0 7.3
الناتج الإجمالي للشركات الفرعية الأجنبية 1950 2100 16.6 6.2 7.7 7.7
إجمالي أصول الشركات الفرعية الأجنبية 11196 12606 18.3 24.4 12.0 13.0
بيانات مختصرة
الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج 28822 30551 12.1 5.5 0.8 2.0
إجمالي تكوين رأس المال الثابت 5132 5393 12.9 2.6 0.1- 5.0
إرادات، إتاوات، امتيازات و رسوم 53 11 21.9 12.4 8.2 15.0
صادرات سلع و خدمات غير مرتبطة بعوامل الإنتاج 6245 6422 14.6 8.9 2.9 3.0
المصدر : صندوق النقد الدولي 1999.
• تجدر الإشارة إلى انه تم تسجيل أن ثلثي التدفقات في الدول النامية تتم في شرق أسيا)وبالدرجة الأولى:تايلاندا، الصين، ماليزيا ( وأمريكا اللاتينية )الأرجنتين، البرازيل، كولومبيا، المكسيك(، كما تشير البيانات المتوفرة إلى أن الاستثمار الدولي والمتمثل في الاستثمار المباشر ينمو بشكل أسرع من الاستثمارات الأخرى مما يدل على زيادة تكامل الاقتصاد العالمي، وذلك ما يتضح من خلال الجدول التالي :
الجدول رقم"4": تطورات الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد العالمي.
الستينات السبعينات الثمانينات 1991 1992 1993
الاستثمار الأجنبي المباشر الصافي 304 3024 12988 34475 44868 63999
الاستثمار في الأسواق المالية 13 423 3353 17505 43250 76569
الإقراض الصافي من البنوك التجارية 384 9839 11791 1892 14541 5482
تدفقات المنح والقروض الرسمية 1466 9854 34366 59301 47383 52336
الإجمالي 2167 23140 62498 113173 131042 208386
المصدر: صندوق النقد الدولي 1993.
الشكل رقم"1": تركز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان النامية في إقليمين)1990-1994(
شرق آسيا والمحيط الهادي 52%
شرق أوروبا وآسيا الوسطى 9%
أمريكا اللاتينية %29
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا %4
جنوب آسيا %2
إفريقيا وجنوب الصحراء 4%
المصدر : صندوق النقد الدولي و البنك العالمي.