السلام عليكم
السلوكيات لا تكون لدي الطفل بمجرد تمني الأم لذلك، ولكن الأمر يحتاج إلى حكمة وصبر، فكل طفل له طباع ومزاج خاص به، وأيضا لا يتعامل معه إلا بطريقة خاصة به تلائم طبعه ومزاجه، فالطريقة المثلى في سياسة الطفل هو فهم طبيعته ومتطلباته، ومن خلال ذلك يمكن للأم توجيه طفلها إلى السلوك الذي تبغيه بالحكمة والعطف والحنان، وبذلك تصل إلى مرادها دون عوائق أو مشكلات.
إن التعامل مع الطفل يضع الأم أحيانا في حيرة من أمرها. فهي تراه يتصرف بعض التصرفات التي تراها شاذة فإن استخدمت الشدة معه زاد من هذه التصرفات وإن تركته لم يزل قائما عليها.
فلا بد للأم أن تبحث في نفسية ابنها لتعرف ما الذي يدفعه إلى هذه التصرفات وحينها تحاول إزالة السبب لتجد طفلها قد ترك هذه العادة أو هذا السلوك.
فليست الشدة تنفع في مثل هذه الأمور، وليس اللين والتدليل أيضا يفيد إنما الأمر يحتاج إلى الاعتدال والحكمة. فتربية الطفل ومعاملته تحتاج إلى دراية تامة ودراسة وخبرة حتى يتيسر على الأم فهم طبيعة الأطفال وما يحتاجونه في طرق معاملتهم لاختيار الأسلوب الأمثل في التعامل مع طفلها لتنهض به إلى أحسن وأعلى مستوى في التربية الصالحة.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف فقد اخترت للأم المسلمة بعض النقاط التي تساعدها على ذلك بإذن الله تعالى، وذلك من كتاب " المشكلات السلوكية عند الأطفال " للدكتور نبيه الغبرة مع بعض التصرف. وهي كما يلي:
(1) إن الطفل بحاجة إلى العطف والحماية منذ اليوم الأول لولادته، فلذا لا نستغرب أن يكف عن البكاء لمجرد حمله وضمه إلى الصدر، وإن هذا الاحتياج ليزداد ويقوي يوما بعد يوم. وكلما كبر الطفل كلما ازدادت رغبته بأن يحمل وبأن تبقى أمه إلى جواره إلا أن ذلك قد يخف عندما يستطيع الجلوس ويحسن استعمال يديه في اللعب باللعب.
ويزداد الطفل للمحبة والشعور بالاطمئنان بعد السنة الأولى، إذ يزداد اعتماده على والديه فهو يرغب أن يكونوا إلى جانبه طوال الوقت.
ويشتد احتياج الطفل للعطف والاطمئنان في بعض الظروف الخاصة كالمرض والألم وحالات الغضب والبكاء، ويكون بحاجة إلى العطف بصورة أخص عند وجود عاهة عنده.
ويقول العالم: " فينيغ " إن الأطفال يميزون العطف والمحبة من ملامح الوجه ورنة اللهجة التي يخاطبون بها، والحلم واللطف والفهم الذي يعاملون به. ويقول أيضا: على قدر ما يطبق الأهل من طرق العنف تلبية لرغبتهم الجامحة في الحصول على طاعة أبنائهم، وعلى قدر ما يستعملون يدهم الثقيلة وعضهم على الأنامل من الغيظ، وتعابير وجوههم القاسية على قدر ما يعظم عصيان الطفل وسلبيته وشقاؤه وشعوره بالقلق وعدم الطمأنينة... وعلى قدر ما نعطي أبنائنا من التشجيع والثقة بالنفس والعاطفة الصادقة، وعلى قدر ما ننهض بهم ومنحهم الحرية بدلاً من أن نكبتهم على قدر استجابتهم وتعاونهم...
(2) عندما يبدي الطفل رغبة في القيام بعمل جديد، مثل القيام بتناوله الطعام بنفسه أو لبس ثيابه، فمعنى ذلك أنه أصبح جسمياً وعقلياً في أنسب وقت لتعلمه ويجب تشجيعه ومساعدته.
(3) يجب أن يمدح الطفل، وأن يقدر عمله، ويجب الاستفادة من هذا الخلق في تربية الطفل، فلا شيء يعدل الثناء العادل والتشجيع في جعل الطفل معتمداً على نفسه.
(4) يكون الطفل ما بين السنة والنصف حتى الثالثة مولعا بالمخالفة، ويجد السرور بعمل عكس ما يطلب منه فإذا ما طلبت الأم من ابنها أن يخرج من الغرفة لأنها تريد كنسها إلى الشرفة مثلا. فإنه يحب البقاء فيها، وإن طلبت منه أن يدخل إلى الغرفة لأن الجو ماطر فهو يحب البقاء في الخارج، وغير ذلك من أوامر الأم التي دائما ما خالفها، لذا كان من الخطأ مخاصمة الطفل من أجل توافه الأمور إذ إنه سينتصر في كل مرة.
(5) تمتنع كثير من الأمهات عن مسايرة وتلبية رغبات أطفالهن، وذلك خوفاً من إفساد طباعهم، ولكن من التناقضات الغريبة والمألوفة هو أن أطفال هؤلاء الأمهات هم من الصنف المائع المفسود الطبع في الأغلب. فمحبة الطفل وشمله بالعطف والحنان لا يعني إفساد تربيته ولا يؤدي بحال من الأحوال إلى الميوعة.... ويقرر أحد الباحثين أن سبب ميوعة الأطفال يعود على الأغلب إلى حرمانهم من العطف الكافي في طفولتهم الأولى وإلى اتباع النظام الصارم بغية إحسان تربيتهم في تنشئتهم. ولذا نرى أن هؤلاء الأطفال يلجئون إلى البكاء وإلى ثورات الغضب كوسيلة صالحة لتأمين ما يرغبون به.
(6) إن عدم العدل بين الأبناء بالمحبة أو العطاء له أسوأ النتائج على الطفل، فالطفل المميز أو المدلل يكون عرضة للميوعة، وذلك لأنه لا يعرف نظاما أو حدوداً يقف عندها، أما أخوة الطفل المدلل أو المميز فإنهم يشعرون بالاشمئزاز، ويصابون بالقلق وعدم الاطمئنان، مما يجعلهم يشعرون تجاه أخيهم المميز بنوع من الحسد والكراهية.
(7) عندما نرى عند الأطفال ميل للتخريب والقذف بالأشياء داخل الغرفة أو إلى الطريق فيرجع ذلك إلى نقص الحرية أو كبت لقدرات الطفل. فيجب علينا أن نكفل له الحياة السعيدة، وأن نهيئ له الأسباب كي يجد متنفساً لقدراته دون إيذاء. فأولاً يحسن أن نبعد عن متناول يده الأشياء الثمينة، أو القابلة للكسر. ثم نتركه يلعب في مكان مناسب، وأن نزوده ببعض الألعاب والأشياء المسلية التي يمضي بها وقته. وهذه الأشياء لا يشترط أن تكون باهظة الثمن، فالطفل يلعب ويتسلى بأي شيء، وكمثال عملي على ذلك، إذا رأينا طفلاً يسود الحائط بشخبطته، فعوضاً عن معاقبته نفهمه بأن هذا شيء سيئ وقبيح ونعطه ورقاً وقلماً كي يلبي رغبته.
(
عند معاقبة الطفل من قبل أحد الأبوين يجب أن يوافقه الآخر، لأن الطفل سيصعب عليه فهم سبب اختلاف موقف الأهل ويختلط عليه الأمر كما أن تطبيق العقاب يجب أن يكون فوراً حتى يتضح في عقل الطفل سبب العقاب. ويجب أن لا يطبق بسبب الغضب كما هو الحال على الأغلب.
ويجب أن يكون العقاب مناسباً مع عمر الطفل، ففي السنة الأولى من العمر ليس من العدل في شيء، التفكير في معاقبة الطفل وإن كان هذا يحدث كثيراً. وفي السنة الثانية غالباً ما يكون العقاب عديم الجدوى لأن الطفل في هذه السن يكون سلبياً ومحباً لنفسه.
وفي السنة الثالثة قد يحوج الأمر إلى تطبيق العقاب الجسمي في حالات نادرة،إذ إن الحرمان البسيط أو إبداء الاشمئزاز كافيان عادة.
(9) إن قلة الشهية من أكثر المشكلات السلوكية انتشاراً، والشكوى من هذه العلة منتشرة في جميع البلاد. حتى إن البعض يقرر أن نسبة المراجعين في عيادات الأطفال الخاصة في إنكلترا من أجل قلة الشهية (1- 20%) من مجموع المراجعين وذلك ما بين عمر سنتين وخمس سنوات.
إن الأهل يحاولون طرقاً عدة ليجعلوا أبناءهم يأكلون أكثر. فقد نرى أن الأم تحاول إقناع طفلها أن يأكل، وتستعمل في ذلك شتى الأساليب.... أو يلجأ الأهل إلى لفت نظر الطفل أثناء إطعامه بتحريك لعبة من لعبه، أو إضحاكه ثم مغافلته بلقمة
شكرا وأسأل الله لنا ولكم الهداية وحسن الخاتمة